إعتماد الأمة على الدعاء بشكل يقزم الارادة ويجعل منها شيئاً ثانوياً ليس برنامجاً سياسياً أو إجتماعياً يمكن ان تنهض به الأمم, أمة برنامجها السياسي الدعاء فقط عرضة للإبتزاز , أمة بهذة السلبية في إدارة شئون حياتها ودنياها المعاشة عرضة للأمراض والعدوى من داخلها قبل الخارج, لاغرابة أن تعشش فيها مفاهيم خارجة عن عقلانية العصر , كالزعيم الخالد, والرئيس مدى الحياة, إنها إفرازات متصوره للدعاء المنقطع عن الارادة, وفي حالة الفقد تنفجر الأمة في بكاء وعويل إنتظاراً لمنقذ ترسله السماء.
مفهوم "الرزق" الذي أتى به القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة, جرى استخدامه عبر العصور بفهم سقيم, فأستخدمه القوي لاستدامة قوته, ولجأ إليه الضعيف لتبرير ضعفه وتعطيل إرادته" فهذه قسمة الله.إرادة الله هنا لاتعني تعارضاً مع إرادة الانسان وفاعليتها, فأستبد القوي بقوته كونها رزق ورضيَ الفقير بفقره كونه ما قٌسم له من الرزق., مثل هذا النمط من التفكير يقتل الطموح ويعطل الارادة ويمنع الحراك الاجتماعي في أواسط المجتمع ذاته, لماذا لم يكن ديغول مثلاً رزقاً لفرنسا ويستمر رئيساً لها حتى يموت؟, لماذا أسقطه الطلاب في ثورتهم في نهاية الستينيات لو لم يمتلكوا إرادتهم في تحديد مصيرهم؟ مانديلا أيضاً المناضل الاسطوري في العقلية الدينية ربما هو رزق من السماء لتحرير بلاده من الفصل العنصري, لكنه في النظرة السياسية البراجماتيه هو برنامج عمل له مدة معينة وترك الرئاسة بمحض ارادته , فهمت هذه الشعوب ان الارادة الانسانية هي الفاعلة في هذة الدنيا رغم ايمانهم باديانهم على اختلافها سنن الهية كونية لجميع البشر هناك من يفهمها وهناك من يسىء فهمها كما هو حاصل في أمتنا العربية والاسلامية , نريد من هذة السنن أن تتبدل من أجلنا فقط , فنكتفي بالدعاء دون عمل , لاحظ العديد من الخبراء الاقتصاديين أن هناك خلطاً بين مفهوم الرزق ومفهوم العمل , أن الرزق يأتي اليك بلاعمل فهو مكفول لك " وفي السماء رزقكم وما توعدون" وهذا خلط واضح وسوء تفسير وقطع وقراءة إقتباسية للتبرير والقران يفسر بعضه بعضاً " وقل اعملوا فسيرى عملكم ورسوله والمؤمنين" هاتين الايتين يستخدمان باستمرار أحياناً للإتكال على السماء وأحياناً للسعي في الارض والمشي في مناكبها بحثاً عن الرزق,أيضاً هناك مفهوم البطانة الصالحة يشمله دعاء الرزق بإستمرار بينما هي إختيار واع من قبل صاحب الأمر, علينا أن نعيد مفهوم الرزق الى وضعه الطبيعي كثمرة لعمل جاد مع الدعاء بإستمرار بالتوفيق في السعي لتحقيقه , لايكتفي أن نردده في المسجد دعاءً ولانمارس حيثياته التي يتطلبها لكي يتحقق في الحقل والمنصب والمصنع وكل مجالات العمل المباحة, الدعاء ملائكي بإمتياز بينما العمل وارادة العمل بشرية , فالربط بين ملائكية الدعاء وبشرية العمل هي التوليفة التي تنتج الرزق سواء كان فردياً أو جماعياً للأمة بأشملها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق