الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

اثنان لايجتمعان... الاسطوره والديمقراطيه

  لايوجد مجتمع بلا اسطوره او اساطير تفسر وجوده وتاريخه والاسطوره  فى معظمها تاريخ يرتكز على جبل من التخيلات  نسجها الزمن  ومرور السنين فتضخم بحيث اصبح اسطوره تغنى عن التفكير الدقيق والنبش الدائب  فبالتالى تصبح ملجأ للتفسيرات دون طول عناء وتعب, ناهيك عن الاساطير  المحضه  التى ينسجها العقل الانسانى  كتفسير للكون ووجوده فيه ومآله بعده.  الفكر الاسطورى  ليس هو الاسطوره دائما, الفكر الاسطورى قد يصبح وعاده ما يكون كذلك  آلية تفكير تميل الى اسطرة الوقائع الاجتماعيه والتاريخيه  فى ذهن الشخص بحيث تصبح منظارا خادعا له يرى منه العالم ويقيمه. مجتمع الاساطير الصغيره خطير, كلُ يحمل اسطورته معه  وكل مجموعة لها  اسطورتها التى تميزها عن الاخرين , ليس بالضروره ان تكون الاسطوره من الضخامه بأن تفسر الكون, لا بل قد تكون من الصغر بأن يلجأ اليها الشخص لكى يبرر وجوده  فى مجتمع لايعترف بوجوده او  لايعير هذا الوجود اهتماما, التاريخ الصغير تاريخ اساطير ليس لانه لم يقع ولكن لانه فردى  او معنى بجماعه دون غيرها , خطورته عندما يتحول الى اسطوره فى ذهن صاحبه, كمقوله النقاء العرقى , او الاصطفاء الربانى, او النسب الرسولى, اوالتميز القبلى. انتقال هذه المقولات الى خانة الاسطوره من خانة المرحله التاريخيه او الحقبه الزمنيه  يجعل منها عائقا صلدا امام  تحولات المجتمع   وما يعصفه من تغيرات مستمره تتطلب منه  مواكبتها . ثمة مجتمعات لاتزال تعيش على الاسطوره  فى ادغال افريقيا وغابات الامازون  وصحارى استراليا ولكنها معزوله . الخطوره كما اراها فى مجتمعاتنا فيما يتعلق فى هذا الموضوع هو كما اشرت تحول التاريخ الصغير للافراد والعوائل والقبائل  والطوائف الى اساطير فى اذهان  اصحابها مما يعوق تقدم المجتمع ويمنع بالتالى النظره الشموليه لمشاكل المجتمع والبلد ككل. فيقوم التفاضل  مكان التسامح  ويتشرنق كل فرد حول تاريخه   وافضلية قبيلته . ان مشكلة التاريخ الصغير" تاريخ  القبيله او العائله او الفرد" انه ينسى  فى الحقيقه انه ليس سوى" دور" ضمن تاريخ المجتمع    بالمعنى الشمولى للكلمه  هناك دور للعائلات وللقبائل وللطوائف فى جميع انحاء العالم فى بناء مجتمعاتها ولكن تاريخ هذه الشعوب او المجتمعات اكثر شموليه بلا شك. كثير من التاريخ كذلك يخلط بين الدين والاسطوره  نلحظ ذلك كثيرا فى كثير من الخطب والمناسبات الامر الذى يجعل من التفكير الاسطورى حاضرا دائما  داخل الذهن, ويجعل من ذهنيه المسلم على استعداد لتقبل الاسطوره  ونسجها  فاذا ما وجدت مثل هذه الذهنيه ما يقال عن التاريخ الصغير لدى اصحابه ايا كانوا  تحول هذا التاريخ"الدور" الى اسطوره وقد تكون فى تناقض مع توجه المجتمع والعصر فالقبليه مثلا اسطوره لتاريخ صغير والعنصريه كذلك . على كل حال  التحول الديمقراطى لايحتاج الى اساطير  او هو فى تناقض تام مع وجودها كونه تحول يعنى تغير, يعنى تبدل فى الادوار مع حفظ التاريخ  لكل دور وصاحبه  من يصنع التحول فى فى الحقيقه هو من يستحق     لان  يقترب من صوره الاسطوره التاريخيه ولكن دون امتداد  كبوليفار محرر  امريكا الجنوبيه مثلا او مانديلا مقاوم العنصريه فى جنوب افريقيا. نحن فى حاجه ماسه  للتخفيف من وهج الاسطوره وفى تصور بناءها او فى اجتزاء  ادوار صغيره والبناء عليها اسطوريا ولاننسى اننا نعايش العقد الثانى من القرن الحادى والعشرون عقد تكنولوجيا الاتصال الرفيعه والمتقدمه جدا  والمفارقه انها بدون اسطوره وراءها وليس هذا فقط بل انها دون اب او قبيله او حتى دين  او قبله تتجه لها.

هناك 6 تعليقات:

  1. اللجوء الى الاساطير الصغيرة يسببه الاحباط والحاجة الى التشبث بوهم صغير محدود ولكنه قابل للسيطرة والامتلاك والتشرنق في داخله للاختباء من العالم الاكبر المعادي والذي يستبعد افراد وجماعات وفئات واحلام وتطلعات تصوراتنا عن انفسنا وعن ماضينا وعن هويتنا تصبح اساطير ننسجها وينقضها الواقع في النهار ولكن لاتغني الاساطير عن الادوار والهوية الواقعية والمستقبل

    ردحذف
  2. اسطرة الديمقراطية واستحالتها تساوي اسطرة حياتنا الواقعية واسطرة النصوص حتى انها تصبح متخيلة ومستحيلة التطبيق ..بعيدة ومشتهاة ومتضخمة ومختلطة

    ردحذف
  3. بالضبط وسبق ان ناقشت موضوع تحول الديمقراطيه الى ايقونه تعبد فى مقال سابق

    ردحذف
  4. ما جابنا لورا الا اساطير الاولين والاخرين وهي تنتعش في ذهنية انسان الهزيمة والاندحار و تحرير العقل العربي يلزمه تدين جديد وانبعاث جديد للامه كلها ولكن الناس الان في عهد انجراف الى العنصره والقبليه والتزمت

    ردحذف
  5. صحيح يا سيد فريد، لكن الانجراف نحو التطرف برأي يشبه صحوة المريض قبل لفظ أنفاسه الأخيرة.
    نسمع قصص عن أشخاص (صحوا) بعد غيبوبة طويلة، فطلبوا القهوة و تحدثوا إلى أحبائهم.. بدوا أقوياء و بصحة جيدة و جوههم عامرة و متوردة بالصحة، لكن لفظوا أنفاسهم بعد صحوتهم بدقائق.

    التاريخ يسير نحو العقلانية و وعي الذات، لا يمكن أن يسير نحو الانغلاق و الجنون والجهل. ما نشهده اليوم هو "حلاوة الروح" لمرحلة "اللاعقلانية" قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.

    ردحذف
  6. و إن كان رأي الأول غير صائب، أي أن التطرف و العنصرية و القبلية لا و لن تلفظ أنفاسها الأخيرة، فعندئذ أرى أن العرب المسلمون يسيرون نحو لفظ أنفاسهم الأخيرة. مثلما حكى التاريخ عن أمم و شعوب تلاشت و اضمحلت و تحولت ثم انصهرت و ضاعت في أمم أخرى تفوقها قوة و تطوراً.

    ردحذف