الخميس، 5 مارس 2015

قابلية المجتمع للفساد



الفساد فعل إنساني مناف للخلق والدين يستقر في بيئه فتصبح بيئة فاسده وقابله بالتالي للفساد , ليس هناك فساد دون مفسدين أو
فاسدين, بالتالي هو انتهاك انساني شرير أو لاأخلاقي يضرب منظومة المجتمع الدينيه والاخلاقيه ويعيد تشكيل المجتمع على نحو
خطير بحيث يصبح هو المنظومه الاخلاقيه الوحيده للتوافق مع المجتمع , والوسيله الوحيده للتمكين فيه, ولي هنا بعض الملاحظات:
أولا:من الغريب أن تجد الدول الاقل تدينا في العالم , هي الدول الاقل فسادا على مؤشرات الفساد العالميه, الدنمارك, نيوزيلندا, السويد ,
فلندا, بينما تجد دولنا العربيه والاسلاميه الاكثر تدينا "كما ندعي" في قائمة الدول الاكثر فسادا , ليس هنا فقط الاعتماد على
مؤشرات الامم المتحده والهيئات العالميه وإنما على كذلك على الغياب الواضح لوسائل الرقابه الدستوريه والشفافيه الاداريه.
ثانيا:كيف يمكن تفسير كثرة المساجد أوالتسابق في إقامتها وإقامة الشعائر مع كثرة حالات الفساد العلني والمستتر .
هل هناك فهما للدين ايا كان نوعه يحتمل الفساد أو شكلا من أشكاله او يبرر له ؟ هذا السؤال هام جدا في مجتمعاتنا لاأجد جوابا
شافيا له. لكي نستطيع فهم هذا التناقض.
ثالثا: تتحول القابليه للفساد في مجتمعاتنا الى نمط سلوكي مقبول وشائع من خلال أمرين هامين,1- التقليد , يقلد الموظف مديره الفاسد ,
ويقلد المدير وزيره الفاسد وهلم جرى2- يعفى المسؤول لفساده من الباب ليعود من الشباك , فعدم جدية العقاب وعدم شموليته جعل من
ممارسة الفساد فرصة العمر دونما تكلفة باهظه معتمدا على تجاوز المجتمع ونسيانه مع الوقت.
رابعا: هشاشة مجتمعاتنا أمام الفساد, إمتدت بنا الى اعتبار ان هناك هشاشة إيضا للدين أمام الفساد " قبل لاتموت حج حجتين وإبن لك
مسجد" والله غفور رحيم , بهذه السهوله والسطحيه أصبح المجتمع مستمرءا الفساد
خامسا: قابلية المجتمع للفساد تقوى وتشتد عندما يغيب المثال , عندما لايصبح هناك مثلا يضرب في المجتمع للنزاهه والأمانه, فالمثال

هام وضروري , وفي غيابه يحدث التماثل وهو حاله للإختباء والاندراج مع القائم خوفا من العزله والتهميش.
سادسا:كلما إزدادت قابلية المجتمع للفساد , كلما قل شعوره بكينونته كمجتمع , لأن الشعور بالكينونه قيمة في حد ذاته, الفاسد لايشعر
, بكينونته كإنسان شعورا مقنعا وصادقا وكثيرا ما لاحظنا ذلك عند النهايات وعندما يدرك الانسان الموت , لذلك يتجه المجتمع الى نهايته وزواله دون أن يشعر وفي التاريخ أمثلة كثيره على ذلك وقد قص
ا لقران قصصا عظيمه تدل على أن الفساد اذا انتشر وأستمرأه الناس ذهب بهم من حيث لايشعرون.
سابعا: خيار الفقر أو الفساد خيار صفري قاتل , وحاض على الفساد لذلك تجد في دول العالم المتقدم أعلى اجورا هم العاملون في مؤسسات مكافحة الفساد, لأن
المجتمع يريد أن يحمي نفسه من الفساد فرئيس القضاه في بريطانيا مثلا يأتي قبل رئيس الوزراء ويتم تعينه بطريقه تحله من الولاء
لغير الدستور والنظام.
ثامنا : نحن نعيش الفساد كخيار بلا بديل لذلك نكافحه ليس لاستئصاله بقدر ما نتخلص منه كجيل أو مرحله ليأتي جيلا أو مرحلة
اخرى,لعدم قيامنا ببناء منظومه تحمي المواطن ماديا ومعنويا من الفساد , فنحن نعول فقط على صلاح وورع الانسان وهذا امر لايستقيم , فليس هناك سوى عمر بن الخطاب واحد لايتكرر في التاريخ , وليس هناك سوى عمر بن عبدالعزيز واحد لا يتكرر.
تاسعا:يحدث الفساد في نفسية المجتمع العاجز عن مقاومته تغيرا نفسيا خطيرا ,يتمثل في النفاق والحقد وهما اثران مدمران لأية تنميه ,
لم اعجب عندما كنت أرى الموظف يوغل في تكسير سيارة الحكومه لانها في نظره تمثل الفساد, لم أعجب عندما كنت أرى الموظف لايقوم
بواجباته ويتهرب ويستغل ادواته استغلالا سيئا لأنه يشعر بالفساد ولايقدر على مقاومته ولا ايقافه فينتقم بعيدا عن الأعين , لا اعجب من مسؤول كبير
يسرق ويرتشى في أول سنين تعيينه بأسرع ما يكون لأنه جاء الى المنصب بعقلية عجزت من النفاق لتصل ولم يكن في وعيها مثالا
يحتذى من المجتمع.

عاشرا: لم يشوه الفساد الاقتصاد فقط بل شوه الدين لدى العامه ايضا , وهناك شعور جمعي ربط الفساد في ذهنية المجتمع بتبرير,
لذلك اصبحت هشاشة المجتمع امام الفساد مركبه واصبح اكثر ضعفا , وكثيرا ما شهدنا أمورا معلقة بين إرادة الحكومه وشك المجتمع
في حلتها ليأتي شيخ الدين ويحللها أو يبرر تحليلها للحكومه كالإكتتاب في الشركات المختلطه وغيرها , مثل هذه الامور جعلت
المجتمع في وضع لايحسد عليه وفي حالة شك بين بناء دستوري يمكن الاعتماد عليه لم يكتمل وبين فتاوي دينيه تريده التحرك
سريعا وإلا سيفقد الفرصه والثروه والاستثمار المربح الذي عادة ما يخيب أمله فيه .
أحد عشر: أرجو أن يوفق الله كل من يحارب الفساد إنطلاقا من إنسانيته ودينه وحبه لوطنه , الفساد ليس سرقة شركه فهذا أمر هين
ويحدث في جميع المجتمعات , الفساد أن تُدمر الاخلاق وأن يُسوق الدين, وان يصبح خيار المواطن بين دينه وأخلاقه من جهه , وبين
ثراءه وتحسين معيشة اولاده من جهة أخرى
يبقى ان نشير الى خطورة الفساد عندما يعمل إعادة تشكيا طبقات المجتمع الاجتماعيه بما يؤمن إعادة انتاجه في مقال آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق