الأحد، 3 مايو 2015

الشيخ جاسم والامير مقرن نموذجي إصلاح



لازلت أذكر خطاب سمو الشيخ جاسم بن حمد ممثل الأمير الشخصي حاليا حينما كان وليا للعهد  الذي آثر فيه أخاه   الشيخ تميم سمو الأمير
الحالي بالمنصب ومشددا على تواجده الى جانبة دائما خدمة للأمير وللوطن وللمجتمع, في أي موقع كان. ولاتزال صورة سمو الأمير
مقرن ولي العهد السعودي السابق في مخيلتي كذلك وهو يبايع ولي العهد الجديد سمو الامير الملكي محمد بن نايف مبتسما ومعانقا
إياه ,وعلى الرغم  من  إختلاف  طبيعة الوضع بين كليهما ودلالة هذا الاختلاف حيث الأول إبن مباشر للأمير  في حينه بينما الثاني أخ غير شقيق للملك,إلا أن   هاذين   المشهدين يبعثان على الأمل   في إعتقادي قبل أي شىء آخر يمكن أن يتوارد للذهن وذلك لعدة أسباب أوجز بعضها في التالي:
أولا:كنت على إيمان دائما بأن التحول التدريجي هو الحل الأمثل لدول الخليج العربيه, ولايمكن أن يحدث ذلك دون الاقتناع بضرورة
قبول الحراك الداخلي التوافقي داخل بيت الحكم , بما يحقق الاستقرار للمجتمع.
ثانيا: مجتمعاتنا الخليجيه لاتحتمل الفوضى ولا الحروب الطائفيه أو القبليه, ولوحدث شىءٌ من ذلك لاسمح الله لن تعود كما كانت في
السابق فهي شعوب قامت بطبيعة معينه لايمكن أن تُجبر بعد أن تنكسر, لذلك يبدو الحل الامثل في إقتناع النخبه الحاكمه نفسها
بضرورة التكيف مع المستجدات من خلال تطلعات الشعوب ذاتها.
ثالثا:نموذج تنحي سمو الشيخ جاسم طواعية لأخيه سمو الأمير المفدى حاليا, وتنحي سمو الأمير مقرن سواء طواعية أو إستجابة لرغبه
ملكية بصدر رحب وبوجه باسم , يمثلان في حقيقة الأمر دفعا للأمام وتطويرا للنظام , وعدم عودة لنقطة الصفر التي إنطلقت منها
هذه الأنظمه, نحو إستكمال النموذج ودائرته التي ستحتم بعد ذلك الانتقال لما هو أرقى منه.
رابعا: مشكلتنا دائما كانت مع كسر دائرة هذا النموذج والعوده الى نقطة الصفر والصراع من جديد, نظرا لعدم قبول مبدأ التغير
إستجابة للظروف, والاصرار على التراتيبيه الجامده التي لاتحترم الرغبه الذاتيه ولا الكفاءه المهنيه.
خامسا: ما قام به سموالشيخ جاسم عملية إصلاح كبيره فتحت المنطقه أمام مفهوم كبير وهو مفهوم لتسامح داخل بيت الحكم في
هذه الانظمه بناء على معايير توافقيه جديده, وما قام به أو تقبله سمو الامير مقرن كذلك.
سادسا: أعتقد أن بداية التحول من الداخل تبدأ بخلق نفسيه جديده تقوم على التعاون لا التنافس, وعلى الادراك التام بالمصير المشترك
وعلى الايثار من أجل الصالح العام.
سابعا:إذا كان سمو الشيخ جاسم ضرب مثلا لهذا الجيل وهو من نفس الجيل , فإن سمو الامير الوالد ضرب مثلا آخر في إيثار جيل
الشباب وإعطائه الفرصه عندما تنازل عن الحكم وهو لايزال في قوته وفي كامل صحته أطال الله في عمره لإبنه سمو الشيخ تميم أمير
. البلاد حفظه الله محققا سبقا تاريخيا في المنطقه , وهو ماتمثله جلالة الملك سلمان حفظه الله مؤخرا عندما أشار بأنه لابد أن نعطي
الشباب فرصه في توضيحه للتغييرات الاخيره في المملكه الحبيبه.
ثامنا:هذان النموذجان يتجهان نحو المجتمع على المدى الطويل, نموذج التوافق بين بيت الحكم على اسس مهنيه , سيدفعان مع الزمن
بإتجاه المجتمع, القبول بمبدأ التوافق هو بداية المجتمع الديمقراطي , التوافق القائم على آثر الصراعات الداخليه لاتحتمله شعوبنا كما ذكرت
, فالحل الوحيد هو في إمتداد التوافق في داخل الانظمة ذاتها الى حدود المجتمع , لأن التوافق هو قبول الرأي الآخر , ناهيك عن ثقافة
العالم اليوم التي تحكمها التوافقات من أجل البقاء
تاسعا:رهان المنطقه في تقبل انظمتها للتوافقات قبل أن تُجبر عليها, أولا فيما بينها وثانيا بينها وبين شعوبها , وخطاب الرئيس
الامريكي أوباما الاخير خير دليل على ذلك حينما أشار الى أن الخطر الداخلي هو ما يهدد دول الخليج أولا قبل الخطر الخارجي.
عاشرا: سيذكر التاريخ الشيخ جاسم كأول ولي عهد شاب يحدث ثوره ثقافيه جديده في الأذهان بتنازله عن ولاية العهد لأخيه
طواعية,ويعود لممارسة حياته الطبيعيه بتحمل مسؤوليات أخرى, وسيذكر التاريخ الامير مقرن لدوره الحيوي والتوافقي في إجتياز
المملكه لهذه المرحله الانتقاليه الحاسمه في تاريخها .
أحد عشر:كانت ثقافة الزعل التي تدل على التملك هي السائده في العقود السابقه فيما يتعلق ببيوت الحكم , حلت محلها ثقافة القبول والتوافق التي تعني الايثار وإمكانية
المشاركه فلم يعد العالم يحتمل صراع غير صراع التحول الديمقراطي. , حطم كل من الشيخ جاسم والامير مقرن كلٌ في موقعه الحاجز النفسي
الذي وقرَ في الاذهان في أن السلطه إنتقاء إلهي , بينما هي خيار إنساني بعيدا عن حقيقة الوجود  ومعناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق