الثلاثاء، 26 يناير 2016

الضابط عيد البرديني

كل من إمتلك رخصة قيادة للسيارة خلال الفترة من آواخر الستينيات حتى أوائل الثمانينات وربما أكثر يعرف أسم عيد البرديني, أو الضابط عيد كما كان يكنى إختصارا. لم تكن رخصة قيادة السيارة بهذه السهولة والانتشار الذي نراه اليوم , مدارس تُخرج وتلقي بأنصاف السائقين في الشارع. كانت رخصة القياده هم كبير وشغل شاغل لجيلنا السابق .فيما أتصف البعض بالتشدد الغير مبرر , إتصف عيد البرديني بالتعامل السلس مع الكبار والصغار , كان أسمه يتكرر كثيرا على مسامعي , عند أهل قطر شاكرين له مساعدتهم , ميزة عيد البرديني أنه فهم طبيعة ونفسية المجتمع القطري , وحبه للتعاون , فكانت إدارة المرور في عهده من اكثر الادارات الحكوميه شعبية , مع الحرص والدقه والانضباط في إصدار الرخص وتنفيذ التعليمات بما فيها لوحة تحت التعليم التي تعلق فوق السيارة اثناء الاختبار , ومنحدر قصر المرمر المشهور والذي كان يشكل هاجسا لجيلي وضرورة التحكم في السيارة أثناء إجتيازه سواء إلى الأمام أم العودة إلى الخلف. ساعد الضابط عيد في أداءه لمهامه بنجاح عملي وإ جتماعي لافت للنظر , كونه قادم من بيئة مشابهة لبيئة المجتمع القطري المحافظ والمتعاون , قَدم عيد البرديني من قطاع غزة الفلسطيني , وكان الاخوة الفلسطينين من أوائل من قدم الى جميع دول الخليج للعمل , فهم من أكثر الجاليات فهما لطبيعة المجتمع, ساعدهم في ذلك ظروف المرحلة التي كانت تمر بها الأمة العربيه من إستشعار لقضيتهم التي كانت ولاتزال قضية العرب الأولي , رغم ما يعتري الوضع من ضباب كثيف يكاد يزيع بالوعي بعيدا عن ذلك كما يتمنى أعداء الأمة .كان أبو محمود يتفهم إتصال الشيخ الكبير ويحترم قدوم الشاب الصغير , ينزل الجميع منزلا من الاحترام والتقدير, فأحبه الجميع , وأحب هو كذلك قطر وأهلها وقد قدم أبو محمد شرحا تاريخيا مفصلا عن قصته وقصة المرور في دولة قطر في برنامج جميل أذاعه تلفزيون قطر منذ أعوام قليله مضت , تحدث فيه عن أو ل لحظة لمست قدمه تراب قطر , وكيف تسرب حبها إلى قلبه ووجدانه حتى أصبح أحد أبنائها . عندما أنشئت الادارات الخدميه في قطر إحتاج أهل قطر وكبار السن منهم في ذلك الوقت الى من يساعدهم ويتفهم طبيعة سؤالهم المباشر ونفسياتهم الصريحه , فكان أبو محمود من أوائل أولئك المتفهمين والمقدرين لذلك, حينها لم أستغرب عندما ألَم به وبعائلته منذ سنوات مضت مصابٌ جلل , وجدت أبناء قطر وشيوخها معه في مصابه في جمع مهيب يلفت النظر تقديرا لما زرعه في قلوبهم من محبة وإخلاص. أجد لزاما علىَ أن أذكر نماذجا عربية قَدمت لتخدم وتعمل في قطر لتحتضنها قطر بعد ذلك بكل حب وتقدير إعترافا بالجميل ووفاء لطبيعة أهلها المضيافه, جيلنا الجديد اليوم عليه أن يتمعن وأن يعىَ , أن المحبة هي أساس العطاء, والعطاء هو أساس الثناء وغاية الوجود الانساني الموصل لمرضاة الرب. قصة أبو محمدو قصة نفس محبه قبل ان تكون قصة سعى لإدراك وظيفة , كم يتوالى على الوظيفة من خلق , ولكن من يجنيها حبا , قبل أن يتقاضاها راتبا , هذا هو سؤال الغاية من الوجود الذي يجب أن يسمعه الجميع ,أطال الله في عمر الضابط عيد ومتعه وابناؤه وذويه بدنيا تفيض سعادة ورخاء.

هناك تعليقان (2):