الاثنين، 1 يناير 2018

درس الحصار


 

 

أعتقد ان الحصار الجائر على قطر لابدأن يُدرس بشكل اعمق من كل الاطراف  سواء المباشرة , دول الحصار "المُحاصرة  أو دولة قطر "المُحاصَره".  لأن الحصار في حد ذاته ليس قضية , وإنما القضية الفعلية هي "الدولة" من حيث هي  دولة عالقه  , من هنا تبدو الاجراءات التي تتخذها الدول من حيث  هي دول عالقة  لاتستجيب  لفعل التطور التاريخي بل حالة من حالات  الوصول لمازق  وجودي يجب على الدولة أن تتجاوزه  أصلا , ولي هنا عدة ملاحظات:

أولا:بكل وضوح يظهر أن داخل الدولة  هناك  مراكز  وقوى   وتحالفات أقوى من الدولة ذاتها ,  ومن هنا تبدو ايضا وبوضوح كذلك  إشكالية الدولة العالقة  بين  قوى ما قبل الدولة من جهة  والدولة الوطنية من جهة أخرى,  فالحصار لم يكن قرار دولة وطنية  وإنما قرار دولة عالقة , لذلك راينا تكلفة عالية جداً على المحاصرين أكثر ربما  المُحاصر دولة "قطر".

ثانياً الدولة العالقة دائماً لكي تستمر لابد لها  من  افتعال المآزق   لوجودها الهش , لذلك يبدو العناد واضحا بشكل يمثل إجماعاً لدى الرأي العام الدولي أن دول الحصار لاتريد حلا قريباً على الاقل وصرح بذلك وزير الخارجية الامريكي والبريطاني وغيرهما من زعماءالعالم.

ثالثاً:التعاطف الكبير الذي  تَحصل لقطر وقضيتها  كدولة مُحاصرة  بغباء شديد وبإتهامات  لايمكن التثبت منها , لابد من الاستفادة من درس الحصار بشكل  أكبر من الافراد ومن القبيلة ومن الشعار , نستفيد منه على مستوى الدولة, والخروج بها من مرحلة  التعلق الى مرحلة التجسد  كدولة وطنية.

رابعاً: الدولة الوطنية التي أعنيها  ليست هي الدولة الوطنية في وعينا أيام الاستعمار, الدولة الوطنية التي أعني  هي الدولة الوطنية  أمام الخارج  ونحو الداخل أيضاً, من خلال مبدأ المواطنة والمجتمع المدني.

خامساً:الاحظ تراجعا ً واضحا في الوعي بين بداية الحصار  واللحظة الحالية فيما يتعلق  بمفهوم الدولة  بدأ قوياً    ثم بدأ وكأنه يتراجع أمام قوى ماقبل الدولة  سواء من أفراد أو من قبيلة, وهذه من طبيعة الدولة العالقة  وهنا أتكلم بصفة عامة عن الدولة العربية  سواء من دول الحصار أو من غيرها ,  وظهر بوضوح في المملكة حينما أستدعت الدولة القبيلة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل  في ورقة الحصار , وهي الدولة  الاكثر تهديدا  من قبَل القبيلة لكون تاريخها تاريخ الصراع بين القبائل  حتى قرر الانكليز الوقوف مع إبن سعود. وهناك بعض الصور المحدودة  عندنا لتجيير  دور الشعب القطري التاريخي أو جزء منه في الوقوف في وجه الحصار بشكل يكرس وضعية ماقبل الدولة.
 
سادساً:في المقابل ألغت قطر هذا العام إحتفالات القبائل  وهو مؤشر جيد على الاستفادة من التلاحم الذي افرزه الحصار على الدولة , يبقى أن يُكرس وعياً مجتمعياً  وليس مرحلياً

سابعاً: إمتصاص الصدمات  يمكن أن يتحقق للدولة , ولكن لكي  تستفيد من هذا الانجاز لابد لها من البناء عليه وربما تونس تعطي مثالا جيدا لذلك بعد أحداث الربيع العربي , بينما الدول الاخرى   لم تحقق إنجازا  فسقطت في مأزق الدولة العالقة التي نراها اليوم في مصر  بوضوح وبصورة أسوأ وربما الى مرحلة ماقبل الدولة في ليبيا واليمن وسوريا الى حد ما.

ثامناً: كثير من المجتمعات العربية ضد الدولة  ولكنها ليست مجتمعات بلادولة, الاشكالية  كيف يمكن أن يسبق وعي الدولة وجودها في ذهنية المواطن؟ من هنا تبدو الدولة كمشروع "مواطنة" لم يتحقق حتى مع وجودها الفعلي , ومن هنا أيضاً تبدو الدولة العالقة  شكلاً لم يعد يلائم العصر , وأزمة الحصار هذة وحرب اليمن وإعتقال الحريري , تبدو إرهاصات  لمراحل متأخرة من حياة الدولة العالقة ,وتبدو السعودية كأكبر بلد عربي  الاكثر ترشيحاً لسقوط  نموذج الدولة العالقة  التي تمسك بالخارج بيد, بينما اليد الاخرى تُمسك بالداخل فكلما ضعفت يد الداخل عملت على  اطلاق يد الخارج في أي جهة كانت , المهم أن تمسك بقشة  أو بصخرة  لسرقة الوعي وتوجيهه نحو الخارج  .

تاسعاً الحصار فرصة للدول المُحاصرة أكثر من كونه فرصة لدولة قطر المُحاصرة, قطر ليس لديها  سجناء رأي ولديها إعلام حر, وقناة أصبحت  ملك للتراث الاعلامي العالمي اختلفنا أم إتفقنا, ولا يعني ذلك أن لانعيد النظر في أشياء كثيرة كما أشرت  سابقاَ في هذا المقال ,  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق