الأحد، 2 أبريل 2023

المسلم الأخير

جسده آية؛ كل ما فيه ينبض ببساطة الإسلام، قلبه سليم، قرآنه إنسان كرَّمه الله، يؤدي فروضه، يرعى جاره، يُحسن إلى الفقراء والمحتاجين، يتعامل مع الجميع بمسطرة الإنسانية، لا يهمه بل ربما لا يعرف عقيدة صاحب المتجر الذي يشتري بضاعته منه، كل أهل الفريج مسلمون في نظره، لا ينوي على شر، ولا يكتنز حقداً، ولا يحمل حسداً. يفتخر بتاريخه ويعتز بلغته، بيئته طاهرة، مجلسه فواح برائحة الأخُوة، الإسلام عنده واضح وبسيط، قلب سليم ومحبة ورحمة، لا يحتاج إلى تصنُع، ولا إلى التكلف ولا إطالة اللحى، ولا إلى شيخ يقلده أو مطوع يلبس جلبابه. يؤدي واجباته الدينية وكفى، ويقوم بحاجاته الدنيوية بإنسانية لا تعاني من ضغط مهما كان نوعها دينية كانت أم اجتماعية. في المسجد لا يستمع إلى خطبة إيديولوجية تحت شعار ديني، لذلك عالمه ليس منقسماً ولا يعاني من الانشطار النفسي، خطيب المسجد عنده موظف إذا لم يدرك شيئا من عادات المجتمع وقيمه وسلوكياته أرشده وعلمه. يرى الخير في جميع الناس، لم ترد إلى سمعه كلمة التكفير بعيد، إذا غم عليه شيء أو استشكل عليه أمر سأل أحد المشايخ القريبين والمعدودين عنه، كان ينشر الدين عمليا، ويحبب فيه الغريب تعاملاً، وطنه ليس مجالاً للمساومة، إسلامه ليس على حساب وطنه، ولا وطنه مشروعاً أصلا لانتهاك إسلامه. ، يدرك أن الإسلام الحقيقي ليس في تضاد مع قوميته العربية، لم يخلط بين الفكرة والتطبيق، كان حصيفا رائعا، لأن إسلامه إنساني، لا يعمم، ولا يتهم، ولا يبحث في النوايا والسرائر، آذانه بسيط بلا ميكروفونات صاخبة، وصلاته بلا بروفات، كان مرتفعا إلى مستوى الدين، ولم ينزل به إلى مستوى نزعات النفس البشرية وشهواتها، نسخة أصل أخيرة لمسلم أدرك ان العالم يحتاج الى الاسلام , كما يحتاج الاسلام الى العالم, لم يعد يدرك ماذا حصل بعد ذلك أصبح موضوعاً بعد أن كان ذاتاً ومشروعاً بعد أن كان أصلاً وتراكماً بعد أن كان بدايةً وسلعةً بعد أن كان إنساناً, وهواناً بعد أن كان كرامةً على من يلقي باللائمة على قصور الاسلام أم على تقصير المسلمين ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق