الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

جائزة سمو الأمير ومغزى "التميز"

جذبت إنتباهي  كلمة" تميز" في مسمى  جائزة سمو الأمير لمكافحة الفساد لذلك سأحاول أن اقاربها فلسفياً لأنها تعطي معنىً  قد لاينتبه له الكثيرون  في القصد والهدف من جائزة سمو الأمير المفدى.

أولاً ليست هناك دولة في العالم أجمع تخلو من الفساد, لن أدخل في تعريفاته ولكن سأقفز الى  نقيضه  ومترادفات هذا النقيض وهي كثيرة منها على سبيل المثال , نزاهة, نقاء, طهارة....  وكلها لو لاحظنا  سنجد انها  تأتي من ملكوت  أعلى من عالم البشر,  الذي نعيشه بكل نقائصه, من هنا يصبح وجوده لازماً وضرورياَ لاستمرار جدلية الحياة وصراع الخير والشر فيها , لامعنى لطهارة دون وجود نجاسه, ولامعنى لنزاهة دون وجود  دناءة  وهلم جرى  فبنقيضها تعرف الأشياء.

من هنا أستطيع أن ألمس مدى ملائمة    كلمة " التميز"  لجائزة سمو الامير المفدى لمكافحة الفساد, فالموضوع ليس فقط مكافحة الفساد وانما التميز في هذة المكافحة , على إعتبار  الفساد  هو القضية  واللافساد هو نقيض هذه القضية والمركب الثالث الذي ينتج من القضية ونقيضها هو التميز أي خلاصة  الجهد  البشري   المبذول  إنسانياً  في مواجهة الفساد وليس القضاء عليه , مع انه هدف اسمى تسعى البشرية كلها لتحقيقه  . رداً على البعض الذي يحتج  حين يقول  كيف نكافح الفساد  ويوجد عندنا فساد  بل أنه  موجود في  كل مجتمع بشري ؟ وجود الفساد لايمنع من  مكافحته  ليس فقط مادياً وإنما إنسانياً  بل الهدف هو الارتقاء بالانسانية الى مستوى ذلك فالتميز صفة إنسانية  فيما يتعلق بإعلاء القيم السامية في المجتمع, التميز يعني أن ترتقي بإنسانيتك الى مستوى  الطهارة في البدن والجيب  وفي السلوك, التميز يعني أن تحارب  هوى النفس  وغرور الوظيفة وكبرياء المنصب , التميز أن ترتقي إلى مستوى الوقوف أمام عتبة الله غداً وصفحتك بيضاء,جائزة سمو الامير في التميز في مكافحة الفساد , جائزة أخلاقية إنسانية , تدل على هدف عظيم  يسعى سموه لتحقيقه ما أمكن الى ذلك سبيلاً, جائزة سمو الأميرمن أهم صادرات دولة قطر إلى العالم , نحو عالم يخلو من  نوايا الفساد , الفساد قد يحدث عارضاً وهو يحدث بلاشك ,  لكن التميز إن لايحدث إنطلاقاً من نوايا سابقة وإصرار قد بُيت, مفردة" تميز" لها دلالة كبيرة وعظيمة  في موضوع يبدو أنه قدر العالم أن يعيشه  ولكن بالضرورة ليس قدر العالم أن يستنقع فيه بل أن يتميز إنسانياً في مكافحته  وتفكيك ما أمكن من  استقراره في النفوس  وكسر حلقة تبرير حتميته بإرتقاء وإعلاء حقيقة الانسان على مادونه من نوازع الشيطان.

 شكراً سمو الامير المفدى على تصدير هذة القوة الناعمة للعالم  من خلال  جائزة ليس فقط لمكافحة الفساد وإنما  للمتميزين في ذلك إعلاءً لقيمة الانسان على ما سواها من القيم الاخرى, شكراً لكل من عمل وساهم في إيجاد هذه الجائزة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق