كيف يمكن لنا مقاربة قضية الطلاق ؟ هل من كونه مشكلة أم من كونه حلاً لمشكلة؟
في إعتقادي أن الطلاق ليس مشكلة في حد ذاته,بل المشكلة ظاهرياً في أرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع.
وهل إرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع ذاتية إيضاً أم هي إنعكاس موضوعي لتغيرات يمر بها المجتمع ؟
ما نسبة ما يشكله الزواج من أولوية في ذهنية وتفكير شباب اليوم مقارنة بذهنية الاجيال السابقة؟
ما علاقة نسبة الزواج بنسبة الطلاق؟
اسئلة كثيرة تخطر على بال المهتم بهذة القضية لكي ندرك من أن يمكن مقاربتها
أعتقد شخصياً أن التغيرات الاجتماعية المصاحبة بالتغير السريع الذي يمر به المجتمع لها دور كبير فيما نشكو منه من ارتفاع نسبة معدلات الطلاق في المجتمع. ,إن إتجاه الطرفين الشاب والشابة لتحقيق الذات أصبح ذو أولوية على التفكير في الزواج , خاصة الفتاة التي فتح لها المجتمع مجالات كثيرة في قضية الحراك الاجتماعي , وأكتساب الادوار الى مستويات ومناصب حكومية عليا مقارنة بدورها الصغير والمحدود سابقاً.
أيضاً الشاب اليوم تأخرت أولوية الزواج لديه عما سبق لاسباب كثيرة ومتنوعه . كل هذا لابد من ربطة بما يمر به المجتمع من قفزات ومن بينها ارتفاع مستوى الدخل لأفراد المجتمع. كيف يمكن لنا أن نقنع الشاب والشابة بأنهما يمكنهما تحقيق ذاتهما من خلال الزواج والارتباط دون اختلال للمعادلة بين تحقيق الذات واستمرار الزواج؟
قضية كبيرة تحتاج إلى جهود فردية ومجتمعية.
أين دور القدوة في المجتمع؟ لكسر حلقة التقليد الاعمى الذي نراه في تكلفة حفلات الزواج والمزايدة في ذلك, مما يعطي الأولوية في الارتباط للجانب المادي على الجانب الروحي أين المفهوم القراني " لتسكنوا إليها" هنا. الجميع يشتكي من تكاليف الزواج المرتفعه ومع ذلك الجميع يستمر في المزايدة فيها . حتى بعد أقامت الدولة مشكوره قاعات ضخمه باسعار رمزية لتقليل تكاليف الزواج استمر الكل في المزايدة في ذلك والتقليد الاعمى دون نظر للقدرة المالية والفروق الفردية بين الناس. المجتمع يحتاج الى دور القدوة في المجتمع لكسر حلقة هذا التقليد الاعمي والمقزز احياناً. هل ثمة إرتباط بين ارتفاع تكلفة الزواج وارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع؟
أنا إعتقد أن ثمة علاقة بينهما وهي انتقال الذهن من الحالة الروحية الى الحالة" السلعية" خاصة أن الزواج أصبح لدى الكثير ليس مطلباً إلآ للإنجاب , فالعلاقة مع الدنيا اليوم بالنسبة للشاب والشابة لها الأولوية بينما كان في السابق يمثل لهما الدنيا خروجاً من حالة الانعزال التي يعيشها المجتمع كمجتمع ذكوري فقط يعيش على مفهوم الملكية بما في ذلك الزوجة.
هل السن له دور في كثرة معدلات الطلاق في المجتمع؟ استمرار تزويج الفتى أو الفتاه في سن صغيرة ففي السابق كان أمراً مفهوماً أما اليوم فأعتقد أنه مسؤؤل عن كثير من حلات الطلاق المبكر, فقد فتح التقدم المادي ابعاداً جديدة واسعة لتحقيق الذات والشعور بالوجود.
كلما كان المجتمع اكثر تقدماً سواء في الانتاج ما في الدول الصناعية أم مستهلكاً بشراهة كما في مجتمعاتنا كلما ازداد معدل التفكك الاجتماعي ومشاكله, الاستهلاك ظاهرة خطيرة ليست فقط على المستوى المادي وانما على المستوى النفسي والمعنوي , تتحول معها العلاقات الاجتماعية الى علاقات استهلاكية .
التحرر من الخوف من المستقبل ضرورة لمواجهة مشكلة ارتفاع نسب ومعدلات الطلاق فلإسراع في تزويج الشابات بالذات خوفاً عليهن من المستقبل دون زواج أمر يجب اعادة النظر فيه ,, فالزواج المبكر في سن صغيرة اليوم قد يصبح سجناً وسط عالم ملييء بالمغريات , بينما في السابق كان يعتبر خروجاً من سجن البيت الضيق إلى دنيا الرجُل الواسعة.
كيف يمكن الخروج بالزواج اليوم من مفهوم الملكية أو التملك الى مفهوم المشاركة وتحقيق الذات بالنسبة للطرفين؟
الطلاق كأي ظاهرة إجتماعية أخرى لايمكن دراستها دون فهم السياق الاجتماعي والزمني والتغير الذي يمر به كمجتمع إنساني , ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعنا تحتاج الى دراسة لفهمها , قبل وصفها كمشكلة تستحق العلاج في حين أن السياق المجتمعي الذي افرزها هو ما يستحق العلاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق