لم تعد الصورة تنقل الواقع بل اصبحت تصنعه , أصبحت نظام معرفي يعيش الفرد داخله , أذكر أننا أول مانصل الدوحة نذهب الى شارع الكهرباء ومشيرب وشارع الشيخ عبدالله بن ثاني, حيث استديوهات التصوير , ونحرص حرصاً شديداً على التقاط صورة فوتوغرافيه في احداها واذكر منها ستديو الجمهورية العربية المتحدة وستديو البديع وغيرهما, لحظة لاتنسى الوقوف أمام الكاميرا وكثيراً ما يطلب منا أن نلبس الجاكيت او " الكوت" المعلق وهناك ايضاً باروكة لمن ليس له شعر ويريد التصوير بدون الغترة والعقال , إستعداد كامل , ونقف وقفة الرجل القديم حيث الثبات وعدم الحركة واحيانا يطلب منا الابتسامة لشدة اللحظة التي نعيشها , ثم نظفر بهدية صورة مجاناً , تلك الصورة تعكس واقعاً ثابتاً ومجتمعاً متماسكاً لو قارنتها اليوم بما يسمى " السلفي" ستجد فارقاً كبيراً في النظام المعرفي السائد في المرحلتين إنسياب بعد وقوف , حركة بعد ثبات., لو تصورنا أن الصورة القديمة في الاستديو هل الأصل , فصورة " السلفي وغيرها من الصور الثابته او المتحركة كسناب شات وغيره هي النيجاتيف أو النسخ عبر تراكمها الزمني الذي أخفى حقيقتها وحل مكان الحقيقة ذاتها, أصبحنا نرى انفسنا من خلال الصور وليس من خلال الواقع , هناك من يقول ان الكاميرا ليست محايدة بل تخفي مع استخدامها ايديولوجية, فهي مع استخدامها المستمر تشوه الواقع ولاتعكس حقيقته, أنظر الى مشاهير الصورة في ادوات الاتصال الاجتماعي وكيف اكتسحوا المجتمع والشهرة , لو وضعت صورة توفيق الحكيم او يوسف أدريس أو المنفلوطي وعبدالله الفضالة وغيرهم , ربما كثير من شباب وشابات الجيل الحالي لن يتعرف عليهم بقد ما يتعرفون على نجوم ومشاهير الصورة والتصوير, , فالصورة تؤجل الحقيقة باستمرار بدل أن تظهرها, فالصورة بعد التقاطها اليوم تسجنك في إطارها فترى نفسك من خلالها, أصبحت موضوعاً للإستهلاك من جانب الغير, افلتت من صاحبها خاصة بعد استخدام ودخول عصر الذكاء الاجتماعي , يجري التلاعب بها فقد تجاوزت الواقع الذي اصبح مجرد إحتمال, ودفنت الحقيقة تحت ركام من التقدم التقني الزائف وقريباً ستدفن الانسان ذاته ويصبح العصر عصر الصورة بإمتياز ونصبح نسخ قديمة من التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق