الاثنين، 19 سبتمبر 2011

إنسان"المول"والإحتفاء بالفرجه


 قبل عدة سنوات لم يكن فى  الدوحه "مولات" سوى القديم  الذى انشىء على مايبدو فى اواخر السبعينات   وكان حدثا كبيرا  فى مجتمع لم يعتد على  كل هذا التجمع فى مكان محدود الى جوار تنظيم واضح للسلع وللمطاعم أو الكفتريات داخله.  سمعت ساعتها  عن زوار من المملكه العربيه السعوديه للتبضع فيه والتسوق فى أرجائه  واستمر الحال على ذلك مدة طويله , حتى عهد قريب حينما انتشرت المولات  وتكاثرت بشكل مشهود فى ارجاء  قطر , لايهمنى كيف انشأت ولمن  وهل هى فعلا  إمتدادا لاقتصاد حقيقى ام  مشتقات وغسيلا لاموال من هنا وهناك مجهولة المصدر. ما يهمنى أثرها الاجتماعى على  المجتمع وهنا لى بعض الملاحظات لعلى ابديها.
أولا: المولات تندرج تحت مايسمى باقتصاديات الحجم واقتصاد الحجم  يحتمل التبضع والفرجه  بل ان الفرجه  والتعود على مكانها نوع من التسويق  السايكلوجى للفرد فتنطبع الاشياء فى ذاكرته ليعود فيشتريها  فى وقت ما.لذلك اصبح هناك مايشار اليه بانسان المول بحيث اذا ذكرت  مول" معين  تبادر الى ذهنك تواجده
 ثانيا:  لست ادرى اذا كان لها اثر على قضاء الفرد فى بيته  نسبة اقل من الساعات كما كان قبل وجودها ولكن المؤشرات تدل على ذلك, فبالتالى لها تأثير غير مباشر على الاسره.
ثالثا: تبدو مكان لرؤيه مؤشرات اجتماعيه هامه فى المجتمع منها الزى  واللبس  فيمكن مثلا معرفة الموضه السائده للعبايات  النسائيه من خلال التجوال فى المول , كذلك ممكن من خلالها الاتيان بانطباع عن نسبه الاجانب وجنسياتهم فى البلد .
رابعا: يمكن ملاحظة العديد من السلوكيات الجديده وربما الغريبه على المجتمع  من زيارة المول أو عدد من المولات, مثل  البشاعه فى المظهر  بشكل ملفت  او التطرف فى استخدام الموضه, او ايجابيا ممارسة رياضه المشى المكيف   للعديد من الناس خاصة فى الطقس الحار.
خامسا: ظهور الشلليه الاجتماعيه بصوره اكبر  فدائما تجد مجموعه من الاصدقاء فى مكان معين فى وقت معين من الاسبوع,  ولكنها عفويه  وبلا طبعا برامج , مقارنة بما عرف عن بعض المقاهى فى بعض الدول  من كونها  اشبه بتجمع ثقافى فلسفى بين شيخ ومريديه.
سادسا: تبقى الفرجه هى النشاط المشترك للجميع , بل يبدو وجود او كثرة هذه المولات فى بلد صغير كقطر  ضغطا على الفرد وعلى الاسره لانه من السهوله بمكان التحول من نشاط الفرجه  الى التسوق اللامبرر او الزائد عن الحاجه .
سابعا: هى اشبه باجهزة الصراف الالى المتوفره فى كل مكان والتى تدعوك للسحب  بينما كان الشيك سابقا له وقت محدد لصرفه ولحاجته, بمعنى انها نمط استهلاكى مغر  يصعب مقاومته.
ثامنا:   تحل المولات شيئا فشيئا محل ثقافة  "الفريج" المندثره فاهل  كل منطقه عادة مايأتون الى الاقرب منها اليهم  ولكن ليس بشروطهم كما  الحال فى "الفريج" وانما بشروطها"المولات"  فتحدث التغيير فيهم ولايستطيعون التغيير فى نمطها او اسلوب الخدمة فيها سواء تسوقا او تجولا وحركة.

تاسعا: اذا زاد عدد المولات بالتناسب مع عدد السكان اختل الجانب  التقليدى "التقاليد" والطابع الاجتماعى المميز للبلد والمجتمع, حيث قد تشكل الكتل  الموجوده داخل هذه المولات انماطا سلوكيا  لاعلاقه لها بالمجتمع  تفرض مع الوقت وجودها وحضورها.
عاشرا: انسان المول غير نشط كانسان الاسواق السابقه "الشبرات مثلا"  الذى كان ياتى مباشره ليشترى  ويذهب ادراجه , فانسان المول  يمعن النظر ساعات  فى كل شى  حوله من بشر ومن حجر قبل ان يمد يده ليشترى الحاجه التى اتى لشرائها.
احد عشر: كنت اتمنى ان يكون التحول  انتاجيا  قبل ان يكون استهلاكيا  بمعنى انشاء قاعده انتاجيه تستوعب انسان المول  ولاتستهلكه  كنت اتمنى ان يكون  اداة انتاجيه لا بعدا استهلاكيا, انسان المول" يمثل جميع شرائح المجتمع  من الجنسين كنت اتمنى تنمية  تستثمره فى جميع مراحل حياته  قبل الشروع فى وضعه فى قفص الاستهلاك الذهبى الدائرى المريح     .
اثنا عشر:
كثير من مرتادى المولات من المثقفين  بودى لو كانت هناك مولات ثقافيه  دائمه   تنفق على مستهلكها  ثقافيا  كمؤسسات المجتمع المدنى باشكالها  لعل ذلك هو الحل الوحيد لجذب انسان المول  ذو البذره الثقافيه وما اكثرهم من  طاولة الفرجه فى احد مقاهى المول" الى جمعيه ثقافيه مرخصه  تقلل من استهلاكه المادى وتزيد من دافعيته الانتاجيه فى المجتمع  وبذلك لايقع فريسة للتاجر المادى وهو التاجر الثقافى الذى يحمل مخزونا ثقافيا ربما يزيد ثروة عن الاخر المادى.
 على كل حال:المول  مكان لاغنى عنه اليوم للتسوق هذا صحيح  ولكنه فى نفس الوقت يمكن المساعده فى فرز المتسوقين والاستفاده من طاقاتهم  فبين متسوق الحاجه ومتسوق الفرجه بون شاسع فالاول  جاءت به الحاجه أما الثانى فجاء به الفراغ والتقاعد المبكر وقصور المجتمع الثقافى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق