الاثنين، 11 أغسطس 2014

الشيخ العوضي بين الدوله والفزعه

تنامى الى السمع خبر نزع الجنسيه من الداعيه الاسلامي الكويتي الشيخ نبيل العوضي, وهو داعيه نشط وله محبون كثيرون في المنطقه العربيه بأسرها, وأسلوبه أسلوب أهل الحديث فيه من البساطه والمباشره الشىء الكثير, أعتقد أن الأمر له أكثر من دلاله ومؤشر واضح لأزمة الدولة العربيه التي تفاقمت منذ أحداث الربيع العربي:
أولا:دولة الكويت ينظر اليها دائما كبلد الحريات في الخليج لذلك الصدمه ليس في الاجراء ذاته ولكن في المعنى الذي كنا نأمل أن لايتلاشى ويظل ويستمر ,نحن أبناء المنطقه.
ثانيا: ما يعتري الوضع العربي العام من حالة توحش غير مسبوقه , أعطت مشايخ الدين ميزه وسلطه كبيره فاقت حتى سلطة الحكام والحكومات الرسميه,فأصبح شيخ الدين إذا لم ينضوي تحت لواء الدوله ويحقق شروط بقائها يصبح خطرا عليها وعلى أمنها.
ثالثا: شيوخ الدين يغرفون من ايديولوجيا واسعة الطيف بها من المتخيل والطوبائيه الشىء الكثير, والدوله العربيه لم تقم على أنقاض الدين كما حصل في الغرب ولكن قامت عبر تاريخها من خلال مباركة الدين أو إضفاء الصبغه الدينيه عليها إما بشكل دائم أو في أوقات الأزمات كما شهدنا.
رابعا: المجتمع الخليجي يمر بمرحلة فرز خطيره إنتقلت من القبيله كما كان في السابق الى الطائفه الدينيه وتنامي هذه الظاهره مع ما يجرى اليوم من احداث رهيبه سقطت معها الحدود السياسيه , جعل الدوله في الرمق الاخير, ليس هذا مبرر ا لما يحدث للشيخ العوضى , خاصة ان الكويت تشهد تناميا دينيا كبيرا مضادا لفكر الشيخ السلفي السني وأهله في الكويت والمنطقه, وقد شهدنا مؤخرا تناميا ملحوظا في الخطاب الدينى الآخر مليئا بالتحريض والكراهيه .
خامسا:عاشت الدولة في الخليج على اسلوبان لاثالث لهما , التهديد والترغيب دون بناء تكوين سياسي مجتمعي قادر على التعايش والانتقال من مرحلة الى اخرى حسب مقتضيات العصر والظروف فأهم اسلوب للترغيب إعطاء الجنسيه , وأهم اسلوب للتهديد التلويح بسحب الجنسيه,فالدوله في الخليج تعيش مابين هاذين الحدًين ,لذلك هذه الاجراءات ليست قانونيه بقدر ماهي سياسيه مقدره.
سادسا:ظاهرة التحريض بإستخدام الدين ظاهرة خطيره على الدوله التي لم تكتمل تاريخيا كدوله الا بالمزاوجه مع شكل من اشكال الدين, لأنها لاتمثل تعاليا مدنيا عليه أو لم تسمو به الى هذه المرحله, لاأقول انني سمعت الشيخ محرضا ولكن الوضع الراهن أفرز تاويلات لكل ما يقال والبيئه العربيه منذ احداث الربيع العربي بيئة قابله ومستجيبه للخطاب الديني بشكل غير مسبوق في تاريخها الحديث.
سابعا:في حالات الاستقرار السياسي يمكن التعامل مع الخطاب الديني بشكل اكثر واقعيه او يمكن احتماله , ويظهر ذلك بوضوح في دول الخليج الاكثر استقرارا سياسيا من غيرها كقطر وعمان مثلا , في حين ان الدول الاخرى التي تمر بحالة من عدم الاستقرار بسبب او بآخر كالصراع الطائفي في المجتمع أو بسبب صراع الاجيال , يصبح الخطاب الديني مهما كانت وسطيته خطيرا او إنقساميا.
ثامنا: لفت نظري من خلال وسائل الاتصال المجتمعي بعد سماع خبر سحب الجنسيه عن الشيخ العوضى, حالة الفزعه التي قام بها أهل قطر تضامنا معه وهو من الحقيقه حبيب كثير من القطريين ويتردد على الدوحه كثيرا ومرحب به دائما, حتى أن بعضهم كتب معلقا , اللهم أكرمنا بنبيل العوضي, وآخر حث الحكومه على تجنيسه , وبعضهم خاطب سمو الأمير بالفزعة له. القضيه ليست استبدال جنسيه خليجيه بأخرى وليست في أهلية الشيخ لإكتسابها , القضيه في التبسيط االمخل فإذا كانت جنسية الشيخ العوضي سحبت بسبب دوره الديني , فهناك من دول الخليج من سحبت جنسيته لمطالبته بحقوقه الوطنيه , وآخرون جردوا من جنسياتهم لمطالبتهم بالعدالة والمشاركه , الفزعه الشعبيه للشيخ العوضي لما يمثله من دور ديني فقط ,لاتبدو حلا لإشكالية الفرز الذي تمر بها المنطقه , ولاتبدو حلا لحالة الشيخ لأنه بما يحمله من إيمان لايحتاج معه إلى جنسيه أخرى سوى جنسيته الكويتيه وإن سحبت فإنه يحملها معه في خلايا دمه ونخاع عظمه..
تاسعا: علينا أن نكون مستعدين والقادم أكبر ستشهد المنطقه عملية فرز بانت ملامحها و وستشهد عملية تكديس وفرز لاصحاب المذاهب وتجميعهم وتركيزهم مع بعضهم البعض والمرشحون كثر, بعد الشيخ العوضي إن صح خبر سحب جنسيته, لكن في نفس الوقت علينا أن نخفف من نغمة التذمر من قيام الدولة بالتجنيس حسب ماتراه وما ترسم له, طالما نحن لانملك تصورا سوى عواطفنا الجياشه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق