الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

"حول الإنسان وذاكرة المكان" مذكرات ريانيه – الحلقه الثامنه



14- كلية الشريعه والهيمنه
كنت أشعر بهيمنة كلية الشريعه على باقي الكليات الاخرى في الجامعه وكانت شخصية رئيسها الدكتور يوسف القرضاوي تعادل شخصية رئيس الجامعه أن لم تكن تفوقها سلطه ونطاق نفوذ, ورئيس الجامعه اصلا الدكتور ابراهيم كاظم كان استاذا من جامعة الازهر ونائبه كذلك الدكتور جابر, فالجامعه كانت اشبه بمعهد ديني كبير , أكثر منها جامعه تضم جميع التخصصات , وهناك اساتذه اجلاء اذكر منهم الدكتور محمد ابراهيم الفيومي رحمه الله استاذ الفلسفه الاسلاميه "ضمن كلية الشريعه"الذي أثار في محاضرة له لغط كبير عندما وصف موقف جد الرسول صلى الله عليه وسلم عبد المطلب "بالمتخاذل" و"الجبان" حينما أراد أبرهه الحبشى هدم الكعبه" وقال قولته الشهيره "إن للبيت رب يحميه", لذلك لم يكن مسرورا على مايبدو من النظره الضيقه للطلبه وخلطهم الاجتماعي بالديني كما كان يقول لي , لذلك أكتفى بفترة إعارته الاولى , في حين البعض من الاساتذه إلغى وظيفته من جامعته الاصليه في مصر وأستقر في قطر أذكر منهم عبدالصبور سعدان , والدكتور عبد العزيز بيومي على ما اعتقد ولربما لأنه كان يشعر رحمه الله بأنه لم يقدم ما ينبغي منه وكنت لصيقا معه واهديته كتاب الدكتور هشام شرابي "المجتمع العربي" فشكرني وذكر اسم في كتاب لاحق له عن العقليه العربيه وددت أنني لم أفقده ولعلني اجده يوما ما من كثر ما جمعت من كتب.وكان هناك ايضا قسم صغير للفلسفه وليس به سوى استاذ واحد على ما أذكر أسمه الدكتور "خليف" وقسم الاجتماع كذلك كان تحت رقابه لصيقه حيث ربط بقسم الخدمه الاجتماعيه, الذي كان تدريبا أكثر منه علم, في مجتمع كانت الدوله فيه في ذلك الوقت تقدم جميع الخدمات الاجتماعيه , فلم يكن إختيار هذا التخصص في حينه مناسبا إلا من أجل التقليل من دراسة نظريات علم الاجتماع ونظريات التغير الاجتماعي دراسة شموليه متعمقه , وسبق أن ذكرت كذلك عن تحيز لجنسيه دون اخرى ولفكر دون آخر نظرا لهيمنة كلية الشريعه , الكليه الأم في الجامعه.و هناك ايضا قسم جغرافيا يخرج مساحي خرائط. بالاضافه الى التخصصات العلميه المعروفه . لذلك كان علىٌ أن أضاعف الجهد لدراسة النظريات الاجتماعيه والفلسفيه بجهد ذاتي خارج نطاق الجامعه , حتى انني كنت استعير الكتب من المكتبه ولا أجد إقبالا من الطلبه على الاستعاره أو قراءة الكتب والمراجع كما شكا لي الاخ مسئول المكتبه . كان الشيخ القرضاوي يُدرس مادة الثقافة الاسلاميه على ما أذكر وكذلك الدكتور حسن عبد الظاهر رحمه الله, وكان له أسلوب مميز , في حين أن الشيخ القرضاوي كنا قد تعودنا على اسلوبه لكثرة ما كنا نشاهده اسبوعيا حتى قبل انشاء الجامعه من خلال برنامجه التلفزيوني , وفي أخر فصل لي في الجامعه , سمعت عن دكتور قطري قد إنضم الى كلية الشريعه وأسمه عبد الحميد الانصاري , الذي اصبح عميدا للكليه فيما بعد والذي أثار قضايا لم تحتملها الكليه والجامعه كذلك , فنحي عن منصبه بعد ذلك. كانت رئاسة الجامعه مرتبطه مباشره بمكتب سمو الحاكم الامير الشيخ خليفه بن حمد في ذلك الوقت . لم تستطع الجامعه منذ ذلك اليوم وربما الى الآن من إيجاد فكر نقدي لدى طلبها , بقدر ما اوجدت موظفين لم تزدهم الشهاده سوى راتبا وظيفة ومنصب, لذلك بالمقابل لم نرى ولم نسمع عن اساتذه جامعيين قطريين على مستوى إخوانهم من أبناء الخليج.فبدلا من ان تكون الجامعه مصدر إشعاع فكري , كانت مصدر لإعداد موظفين وليس متخصصين ولاحتى تربويين , مع مراعاة بعض الفروق الفرديه والامكانيات الذاتيه لدى البعض .
15- التخرج والعوده الى الفريج
تخرجت من الجامعه في صيف عام 82 في حفل سنوي معتاد يحضره سمو الامير وشخصيات الدوله وكان في الصيف وفي ساحة الجامعه الخارجيه حيث الحراره والرطوبه المرتفعه وضرورة ارتداء روب أو معطف الجامعه الثقيل , وكنا قد اجرينا بروفات قبل ذلك استعدادا للحفل وكان من زملائي في التخرج على ما اذكر الاخوه محمد ناصر الكعبي وحمد هزيم المريخي وناصر النعيمي وثلاب الهاجري ومن الاقسام الاخرى عبدالرحمن بن عمير النعيمي وكثيرون , ولازلت اعتقد جازما بأن جامعة قطر في بداياتها كانت ستشكل نقله حضاريه كبيره , لو أنها تخلصت من سلطة كلية الشريعه عليها , وكانت بالفعل ساحة لتبادل الافكار واستماع للمختلف من الرأي , فليس هناك مكان اجدر بذلك من قاعات الجامعات , حتى ان الجامعات قد تحتضن محاضرة او مناظرة ضد فكر واتجاه الدوله صاحبة الجامعه ومع ذلك لايعاقب ولا يجرم صاحبها او اطرافها , والطريف ان الوضع لايزال مستمرا فبينما تعتنق الدوله الانفتاح المادي في اقصى صوره وبشاعته , نجد فكر طلبة الجامعه يتقوقع وينكمش , ولاأدل على ذلك من تمترسهم وراء الغاء محاضره للكاتبه السعوديه "البشر" بدلا من مناقشتها ومواجهة الفكر بالفكر, أعتقد أن الجامعه تعيش تناقضا بين رسالتها الحقيقيه وبين الموروث الثقافي للمجتمع فبدلا من إعلائه , تماهت معه في مرحله الدكتور "كاظم" ,وأصطدمت به في مرحلة الدكتوره" شيخه المسند"., من جانب آخر لو قدر لمركز دراسات الخليج ان يستمر ويطور بحيث يصبح مركزا اقليميا لدراسات الخليج والجزيره لعززت الجامعه التواصل الافقي مع المجتمع بدلا من وضعها الرأسي المنعزل والمرتبط بالحكومه ,بعد التخرج عدت للبحث عن وظيفه والدخول في دوامة العمل من جديد , وفي ذلك الوقت كان بريق المؤسسه العامه القطريه للبترول يخطف الابصار من القطاعات الاخرى حيث الامتيازات, فذهبت حاملا شهادتي الجامعية إليها بينما هي ترنوا الى خريجي الولايات المتحده الامريكيه فخرجنا من الوصايه على التعليم الى الوصايه على التوظيف.
إنتهى الفصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق