الأحد، 28 سبتمبر 2014

"حول الإنسان وذاكرةالمكان" مذكرات -الحلقه الأولى



1- مدرسة الريان القديم الابتدائيه للبنين
"عساك حلَيت الوظيفه" أول سؤال نطرحه على بعضنا البعض كطلبه عند دخولنا الفصل لحصة الاستاذ/ برهان رفيق محمود مدرس اللغه العربيه أخو الشاعر المعروف معروف رفيق رحمه الله,والاستاذ برهان حىً لايزال يرزق أطال الله في عمره. من لم يفعل ذلك عليه ان يواجه"ست الكل" عصى الاستاذ الخيزرانيه التي يجيد استخدامها بمهارة وسرعه فائقه حتى يحيل يد الطالب إلى قطعة حمراء من الدم.
ليس هناك خيارا آخر للطالب أما الحضور مؤديا الواجبات أو التغيب متعذرا بشرب "العشرج" أو المرض ,وفي بعض الأحيان يبعث بطالب آخر لإحضار المتغيب من بيته نظرا لقرابته أو صلته الحميمة به ومعاقبته , إذا شك في مرضه. أخذت المدرسه دور الأب أو ولي الأمر. لقد سلم الآباء ابنائهم طائعين فرحين تسليما غير مشروط للمدرسه في هذه المرحله المفصليه من تاريخ قطر ,وأعني بدايه الستينيات من القرن الماض."لك اللحم ولنا العظم" هذه العباره سمعتها مرارا وتكرارا من العديد من الآباء القطريين في حينه وهم يحادثون مدير المدرسه في حينه " الاستاذ محمد أبو حزيمه" رحمه الله ذو الاحمرار الشديد في الوجه حتى قبل أن يتكلم مما يبعث الخوف في قلب الطالب بمجرد أن ينظر إليه حتى أن أحد الاخوه من شدة ارتعابه منه نسىً أسم والده عندما سأله عنه فقمت بتذكيره به." أحضر والدك" هي كلمته الدارجه لانقاش مع طالب يتأخر ولايقوم بواجباته المنزليه , حتى أن سلطة المدرس تعدت جدار المدرسه الى المجتمع والمحيط حولها , عندما يصل الى علم الاستاذ بأنك قمت بفعل مشين أو سىء خارج الدوام المدرسي. كانت المدرسه النظاميه وعيا جديدا لذلك الجيل خاصة في ضواحي مدينة الدوحه الهادئه نظرا لصرامة قوانينها ورغبة المجتمع الشديده في تعليم ابناؤهم. إختلفت المدرسه عن رحابة المجلس والحريه المتاحه فيه, بنظامها وقوانينها وبغربة جنسيات اساتذتها عن وعي الطلبه في حينه ,حيث لم يكن هناك في الريان في ذلك الوقت سوى أهل قطر وبعض "الصبيان" والمزارعين من جنسيات محدوده كالايرانيه والعمانيه , شكل دخول المدرسه نفسيه جديده لدى ىشباب ذلك الزمان من الطلبه وتحدي عليهم التعامل معه بشكل لم يعهدونه سواء في مجالسهم أو في عامة الفريج المتجانس والمتقارب بشكل تلقائي , فكان الحديث دائما عن المدرس الطيب , والمدرس الشديد الذي يجلب الخوف ويدخل الرعب بمجرد دخوله الفصل, واذكر هنا الاستاذ "زهير" ذو البنيه الضخمه والنظاره السميكه والبنطال الواسع الذي يقوم برفعه بين دقيقة واخرى وهو أول من إستخدم أسلوب "الفلقه" ضرب رجلي الطالب بعد استلقائه حتى الاحمرار والطلبه الاخرين يشهدون ذلك للإتعاظ فقد كان مصدر رعب وخوف وحصته كانت بلاء شديدا لاينقذنا منها سوى الجرس ,أما مثال الاستاذ الطيب المحبوب فقد كان المرحوم الاستاذ "محمد بديع قاسم" لهو ذكرى طيبه لدى جميع من درس في مدرسة الريان القديم , كنا نتلهف لدرسه ولمادته في العلوم والاجتماعيات ونقوم بأداء الواجبات حبا لاخوفا, بينما كان الاستاذ برهان وسطا بينهما الا انه كان كثير الصراخ في وجه الطلبه.

2-المطوع"حسن مراد" مطوع الشيوخ ومدرس بمرتبة الشرف.
جيلي والجيل الذي سبقني من اهل الريان يعرفه تمام المعرفه, فهو مطوع الشيخ جاسم بن على بن عبدالله ,شقيق الحاكم في حينه الشيخ أحمد بن علي رحمهما الله جميعا المطوع حسن مراد يصلي بالشيخ جاسم ويقرأ عليه الحديث يوميا على "الحبس" امام مجلسه حيث يجتمع كبار أهل الريان , فقام الشيخ جاسم رحمه الله بتعيينه مدرسا في المدرسه وراعيا ومشرفا لابنائه كذلك, فكان المطوع حسن رحمه الله يشعر بتفوق وبميزه عن جميع المدرسين كونه معين من قبل الشيخ جاسم مباشره وليس عن طريق وزارة المعارف في حينه. فاصبح مدرسا للقران والفقه, ولم يكن يلتزم بالنظام ولابالطابور وشهدته وهو يخترق الطابور نحو أحد الطلبه ويعنفه على فعل بدر منه في قصر الشيخ جاسم مساء حيث يلتقي الشباب لمشاهدة بعض الاقلام العربيه القديمه,, كان رحمه الله يخلط بين الفصل الدراسي والحياه الاجتماعيه خارجه خاصة اولئك الذين يرتادون قصر الشيخ جاسم سواء طلبه أو حتى آبائهم , فقد ينقل ملاحظه على أب شاهده في مجلس الشيخ لولده في المدرسه. كان رحمه الله بحكم وظيفته الاصليه وهي تدريس اولاد الشيخ ومراقبتهم والعناية بهم وعمله كمدرس رسمي في المدرسه يشكل تداخلا بين حياة المجتمع الصغير وطبيعة عمل المدرسه , فقد كان يشكل لنا كطلبه صغار لغزا محيرا لانعرف كيف ومتى سيفاجئنا بسؤال قد نقف أمامه حائرين لانستطيع الجواب أو الرد , رحمه الله, و بما أن أبنه المرحوم عبدالرحمن حسن مراد المسؤول عن تشغيل السينماء في قصر الشيخ مساء لعرض الافلام كذلك فقد إمتدت سلطته رحمه الله الى الجانب الترفيهي في حياة الطلبه أيضا , رحمه الله شكل حالة خاصه تشبه الى حد حالة وزير الأمير في تاريخنا العربي او بعض مراحله.
إلا أنني لاأزال أتذكر وبفخر شديد أول مدرس قطري رأيته وعرفه جيلي من أهل الريان وهو الاستاذ علي بن حسن الدرهم رحمه الله الذي كان مربيا للفصل الثاني والثالث الابتدائي وكان قريبا جدا من الاباء والأبناء الطلبه و لايمكن أن ينسى جيلي ذلك الاستاذ القطري الوحيد في حينه في مدرسة الريان الابتدائيه للبنين.
انتهت الحلقه الأولى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق