الاثنين، 30 مارس 2015

دور المرأة بين رغبة الدولة وامتناع قوى المجتمع





هناك إدراك من جانب الدولة بضرورة الارتقاء بدور المرأة وهناك أيضا مقاومة من جانب معظم قوى المجتمع، ليس تحديداً على الدور ولكن على حجم هذا الدور. من هذه الزاوية تتساوى جميع دول الخليج قاطبة دون استثناء. دور المرأة في هذه المجتمعات وليد ارادة الدولة وليس افرازاً لتطور قوى المجتمع المحافظة. فتعليم المرأة جاء بارادة الدولة ودخولها ميدان العمل كذلك.

وعلى مر التاريخ كانت ارادة الدولة هي السباقة في أحداث التغيير الذي لا يسع قوى المجتمع بعد ذلك الا الاقتناع به ومسايرته. ولكن لا تستطيع الدولة دائماً القيام بهذا الدور دونما وعي ومشاركة من قوى المجتمع نفسه فتعاظم دور المجتمع اليوم على الصعيد العالمي يحتم دوراً أكبر له في صياغة مستقبله فلم يعد بامكان الدولة قيادته بالشكل الشمولي السابق خاصة أن معايير عالمية جديدة تفرض نفسها على الساحة تنمي من قدرة المجتمع وتدعم توجهه في التخطيط لمصيره ومستقبله.

استطاعت الدولة في مجتمعاتنا الأخذ بيد المجتمع في مجالات عدة واختصرت بذلك المسافات الزمنية، لكن ثمة قضايا وابعادا لابد فيها من مراعاة ومعالجة الأرضية الاجتماعية. من هذه القضايا والأبعاد دور المرأة وحجم هذا الدور في عملية التنمية وما هي حدود هذا الدور كذلك وهو أمر تختلف فيه الدول والمجتمعات على اختلاف تطورها ونموها وأهم ما يمكن الاشارة اليه هنا وقد أخذ منحنى التدرج في جميع دول العالم تقريباً هو المشاركة السياسية للمرأة وامكانية وصولها إلى أعلى المراتب السياسية وليس بالضرورة أن أكثر الدول تقدماً في العلم والتكنولوجيا هي أيضاً أكثرها تقدماً في هذا الخصوص فالعملية كما أشرت مرتبطة بالجانب الاجتماعي ومدى قناعته بذلك.

ففي الولايات المتحدة الأميركية لم تتمكن امرأة حتى الآن من الوصول إلى البيت الأبيض أو حتى كمرشحه محتملة للرئاسة من جانب الأحزاب الأميركية. وحيث إن هذه القضية تلوح بقوة اليوم داخل مجتمعاتنا الخليجية ويبرزها البعض وكأنها مفتاح التطور والنقلة التاريخية المنتظرة لإنقاذنا من براثن تخلفنا وهزائمنا المتكررة مع الذات ومع الآخرين ويبقى الجانب الاجتماعي وقواه الضاغطة في الاتجاه المعاكس مقاوماً لكل هذه المساعي من جانب الدولة لأسباب عديدة منها:

أولاً: التركيبة النفسية والعقلية لهذه القوى فهي ببساطة مزيج من التراث والتقاليد وفهم معين لأوامر الدين.

ثانياً: احساس هذه القوى الاجتماعية الضاغطة بالقهر وعدم الإنصاف نظراً لطبيعة دور الدولة التسلطي وعدم توافر العدالة اللازمة مما يزيده تمسكاً بمرجعياته الأولى من عصبية وقبلية ودينية.

ثالثاً: لم تكن المشاركة السياسية مطلباً نسائياً في جميع دول المنطقة وإن بدت في بعضها كالكويت ولكن قوى المجتمع الضاغطة والتقليدية كان لها الكلمة العليا كما رأينا في انتخابات مجلس الامة الاخيرة والتي سبقتها حيث لم تنجح أي سيدة في الفوز بكرسي الترشيح رغم ما يملكن من مؤهلات وتحصيل علمي وخبرة عملية.


ولكن في دول المنطقة الأخرى لم تثبت الاحصائيات ذلك وإنما كان هناك دفعا من قبل الدولة مما افقد القضية ذاتيتها. ثمة حاجة ملحة للتوافق بين فقه الزمن ومتطلبات التحديث يجب مراعاته في هذه البقعة من العالم بحيث تصبح عملية التغيير في توافق بين هذين الجانبين بشكل لا تجعل سرمدية الماضي طاغية على سُنة التغيير الكونية ولا تجعل كذلك من عنف التحديث المقصود وليس التلقائي يبدو وكأنه عدوان مادي أو معنوي يجب التصدي له أو على الاقل عدم المشاركة فيه على اقل تقدير.
رابعا: من الاهميه ان تكون رغبة الدوله في ذلك اقتناعا وليس تكتيكا مرحليا, أو ظرفا طارئا تتطلبه المرحله ولايد ان تكون مظاهر ذلك واضحه وقابله للقياس وعامه .

خامسا:نظرة المجتمع للمرأه ليست واحده , فبينما يحترمها كأم , قد يمارس عنفا ضدها كبنت أو أخت , وفي العموم لايرتاح اليها كموظفه , لذلك المشكله لها أبعاد متعدده حتى أصبح وجودها ليس مكملا بقدر ما هو محفزا للمجتمع ليفرز من خلاله تناقضاته وسلبياته ,

يبقى أن تعي الدولة أن الأمر يتطلب مشاركة بين الطرفين والسبيل الوحيد لذلك مساعدة المجتمع على ابراز قنواته لأن ذلك هو السبيل الوحيد لمعالجة الخلل اذا وجد. فالافصاح عن الخلل أولاً ومن ثم تشخيصه والعمل على علاجه وتصحيح اعوجاجه فالفكر المنحرف اصلاً هو منحرف لأنه لم يجد الفرصة والمسافة الكافية لكي يدرك مدى انحرافه وخروجه عن الخط القويم لذلك لجأ إلى ميكانيزمات الدفاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق