الأحد، 19 أبريل 2015

نزع الحجاب وحرق الكتب ,الدين من الجهه الأخرى


الدعوه المليونيه لنزع الحجاب وحرق بعض الكتب الدينيه في مصر , ماذا يمثلان ؟ حقيقة , فنحن حرقنا الكتب القوميه والماركسيه والعلمانيه في السابق, وأعلنا ان السفور بمعناه المادي والمعنوي هو سبب هزيمة الأمه.لم نعد ندرك أنحن نخطو الى الأمام أم الى الخلف؟
أولا:حينما نزل الشباب في باريس عام 68 يطالبون بالتخلص من الحرس القديم والتقاليد العتيقه والثقافه الابويه,كانوا يمتلكون مرجعيات أخرى وثقافه قادره على التجدد وافق منفتح للجديد دائما, نزل سارتر وفوكو وغيرهم من فلاسفه لهم قدره على تحريك الشارع بأفكارهم وطروحاتهم الجديده . بينما من ينزل الشارع المصري هو من نفس الثقافه ودافعهم للخروج ليس وجود الجديد بقدر ماهو ردة فعل على بلوغ هذه الثقافه حدها الأطرف أو الاكثر تطرفا فكانت المطالبه بأقصى حدها المقابل , فبدلا من الحجاب نزع الحجاب , وبدلا من وجود ثقافه جديده تنشأ في المجتمع حرق كتب الثقافه السائده .
ثانيا:الاثنان وجهان لثقافه دينيه واحده , عجز أهلها عن أنسنتها فإرتدت تنتقل بين طرفيها او حديها الابعد, والدليل على ذلك كثرة المصطلحات التي تستخدمها هذه الثقافه وهي ليست من نتاجها الثقافي , لم تنتج ثقافتنا العربيه سوى مصطلحات التعصب والقبيله والثأر والاسترقاق , جاء الاسلام ليعليها ويؤنسنها إلا أن أصحابه أو قعوه في حبالها وميكانزماتها.
ثالثا: في مقابل الاسلامي المكتمل , جاء "العلماني " المكتمل, صراع بين كاملين او مكتملين يعني أنه صراع أزلي. وأحكامه أزليه وأخرويه. فبينما يذبح الاسلامي المكتمل من يخالفه , يدعو العلماني المكتمل الفتيات لنزع الحجاب والسفور. بعيدين كل البعد عن نسبية الحياه ونسبية النصوص الدينيه وتغليب الفهم الخاص على الفهم الكوني لهذه النصوص .وخصوصية العلاقه مع الله
رابعا: الخلاف حول الحجاب وطبيعته وحرمته وشكله وهل هو من المعلوم من الدين بالضروره الى غير ذلك كل هذه الامور يتحكم فيها فهمنا للدين وللشرع ولمقاصد الشريعه, كذلك حرق الكتب , فيعتمد على فهم ومقصده من يحرقها , حرقت قبل ذلك كتب إبن رشد وغيره بإسم الدين , فمن يعتقد انه باستطاعته اخراج المجتمع من التطرف باحراق كتبه , فإن الطرف الاخر كذلك ينظر الى كتبه هو بأنها تمثل تطرفا يستاهل الحرق, وإن الغاء الحجاب بقرار رسمي لم يمنع نساء الشعب التركي من التحجب. فالإثنان شكلان لثقافة واحده هي ثقافه دينيه في طبيعتها.
خامسا: العلمانيه , الديمقراطيه, الليبراليه , كل هذه المفاهيم في ثقافتنا مفاهيم دينيه في الاساس لأننا نستخدمها كرد فعل للنسق الديني المسيطر في ثقافتنا, وليست نتاج تطور حقيقي لمجتمعاتنا , فتسمع بالعلماني والليبرالي فتجده منغمسا في اطار ثقافه دينيه حتى النخاع من خلال سلوكياته وتعامله مع الريع واشكاله الماديه والمعنويه ويستجيب لدعوات الانظمه التوتاليتاريه الديكتاتوريه ويلقى المحاضرات في اروقتها وهو المعادي اسما لطبيعتها, فالثقافه العربيه ثقافه دينيه في جميع تجلياتها , بمعنى اننا لانزال في العصر الديني ثقافة ولم ندخل بعد عصر الانسان الذي يريده الدين .
سادسا:أنظر الى المسلم في العالم الحديث كيف ينتج ؟ وكيف يعمل وكيف يفكر, ستجده مختلفا جدا عن المسلم داخل ثقافته, لأنه داخل ثقافته هو جزء من ثقافه مقفله محددة الاطار مسبقا تراتيبية بالضروره, بينما هو في ثقافة العالم الاخر أمام أفق مفتوح يتطور يوما بعد آخر ويتطور اسلامه وفهمه له يوميا مع تطور المجتمع.
سابعا: لن نخرج من هذه الدائره أو من هذا "العود الابدي" حتى نحافظ على الدين ونتخلص من الثقافه الدينيه الاجتماعيه التي تحيط به وتكاد تخنقه. ما يحدث في مصر اليوم ليس ردا على الدين لو يدركون وانما اختناقا من الثقافه الدينيه التي يتطلب الخروج منها ايجاد ثقافة جديده ومجال عام آخر يحتمل الدين ويفتح دروبا في قشرة الثقافه الدينيه التي تحيط به من كل جانب , ما أراه ليس سوى ردود أفعال داخل ثقافه دينيه واحده , تلبس الحجاب مره وتنزعه مرة أخرى , وتحرق كتبا لتضع بديلا لها يحمل جيناتها من الناحية الاخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق