الجمعة، 24 أبريل 2015

"مقاربات من أجل الوطن"مجلس الشورى الأول : الفكره في ريعانها

تم تشكيل مجلس الشورى الأول في قطر عام1972 عندما رأي سمو أمير البلاد آنذاك الشيخ الأب خليفه بن حمد آل ثاني أدام الله عليه
الصحه والعافيه, ضرورة تشكيل هيئه استشاريه تسدي الرأى , حينما يطلب منها. واعتقد جازما ان تلك الفكره لم تأت من
فراغ ليس بسبب الوضع الاقليمي والعالمي الذي بدأ آنذاك بالمطالبه بحق الشعوب والمجتمعات في إبداء الرأي والمشاركه في صنع
القرار, بقدر ماهو شعورالشورى
حتى تصب في المصلحه العامه للدوله وللمجتمع , ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أذكرها:
أولا:كما ذكرت بأن المجتمع القطري حتى حينه كان مجتمع تناصح وابداء الشور , فمجلس الشورى الاول كان استجابة لطلب داخلي
استشعره الامير وأراد أن ينظمه ويشرعه قانونيا بإنشاء مجلس شورى .
ثانيا:في تلك الفتره لم يكن مجلس مسؤول سواء من الوزراء او الشيوخ أو حتى الحاكم يخلو ممن يسدي المشوره والنصح, بل ان
ديناميكيه المجتمع القطري في حينه قائمة على ذلك, بما يعني أن ثمة طلب شبه فعال استشعرته الدوله فأستجابت له.
ثالثا: تشكيل مجلس الشورى الأول يدل دلالة واضحه على الايمان بالفكره التي ذكرتها , ولو تمعنت في اسماء اعضاءه للاحظت أنه لم
يحتوي على جميع قبائل قطر , بل ان هناك قبائل وعوائل كبيره لم يعين أحدا منها في حينه, دلالة على أن الاهميه كانت للفكره
ولم تكن استجابه ميكانيكيه للولاءات الأوليه والقبليه.
رابعا: غلب على تكوين المجلس الأول طابع اصحاب الرأي والتجار, لايعني أنه إحتوى كل اصحاب الرأي من أهل قطر
ولكنه إحتوى ممثلين عنهم, ولم يراع القبيله كشرط أولي أو مسبق على الرأي والمشوره.
خامسا: كان المرحوم السيد عبدالعزيز بن خالد الغانم المعاضيد رئيس المجلس , مجلس شورى لوحده, فهو قبلة لاهل قطر ساعيا بينهم
بالخير ,مصلحا لشئونهم ,داعيا لتحابهم فمجلسه مفتوح ومكانته عند اهل قطر لم تزدها رئاسة مجلس الشورى شيئا , وكذلك نائبه
السيد على بن خليفه الهتمي أطال في عمره , وبقية الاعضاء الكرام جميعا رحم الله من توفى منهم ومتع من بقي منهم بالصحة والعافيه
أمأود أن أشير إليه هو أن المجلس في حينه لم يكن معينا بقدر ماكان إفرازا حقيقيا لطبيعة المجتمع القطري لذلك لم يكن عبئا على
المجتمع بقدر ماكان ممثلا له.

سادسا:مكانة في المجتمع بلاشك كانت مختلفه عن مكانة المجالس التي أعقبته, لسببين ذاتي وموضوعي , السبب الذاتي أن أولئك
الاوائل كانوا على الفطره ويمتلكون المواجهه من اجل إبداء أرائهم والمصارحه من طبيعتهم وهذه أشياء درج عليها الاباء جميعا
وتعود عليها المجتمع حكاما ومحكومين. والسبب الموضوعي إن آلية العمل في الدوله تطورت , في حين لم يتطور مجلس الشورى
كفكره , فهو فكرة ولدت في توافق مع آلية العمل في حينها , لكن آلية العمل تطورت فيما بعد , فيما ظلت الفكره تراوح في مكانها. وهذه
مفارقه .
سابعا: لااقلل من جهد الاخوه المتواجدون اليوم في المجلس فمعظمهم من الأكفاء ومن أصحاب الشهادات والخبره كذلك وهم ابناء
مخلصين لهذا البلد ويسعون لرفعته , لكن الاشكاليه في المزاج العام في المجتمع الذي وصل الى مرحلة فقدان الأمل في تطوير الفكره,
مما ألغى بظلاله السلبيه على النظره لمجلس الشورى وأعضاءه .
ثامنا:بالضبط كما هو حاصل اليوم مع المجلس البلدي, ومقارنة بين تبلوره كفكره في الانتخابات الاولى وبين وجوده كواقع بعد أن
ثبتت الفكره ولم تتطور.
تاسعا: أن مجلس الشورى الأول كان يمثل الفكرة في ريعانها , مدفوعا بأرضيه كانت تحمل قيم ومبادىء هذه الفكره , فيما بعد
تراجعت الفكره على الارض لتختفي قيمها فيتبقى الهيكل والمبنى دونما روح أو حياه.
عاشرا:نحن اليوم في وضع مختلف تماما, سينتج أفكارا جديدا , إذا لم نقم بتأطيرها اجتماعيا وقانونيا , قد نجد مجتمعنا في حالة تقدم
إسمنتيه فقط وحالة ضمور إنسانيه وأخير أذكر "أن الانسان ليس عالما من الحتميات , بل هو عالم من الحريه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق