الأحد، 19 يوليو 2015

العيد في زمن الانقراض



يمثل العيد لحظة تأمل وإعتبار للمعاني الانسانيه والدينيه , يلح عليك سؤال الوصل بالارحام , يشغلك همُ السؤال عن الاهل والجيران والاحباب , تعود بك الذاكره لأناس ذهبت بهم الدنيا وفرقتهم الايام , لايزالون يملكون ناصية من قلبك , وجزءا من ذاكرتك . سؤال الوصل سؤال ديني وجودي إنساني , قبل أي مناسبه وبعد أي مناسبه ,كان اقل إلحاحا في السابق عنه اليوم , البيوت متقاربه , الحاله متشابهه , المساحه الاجتماعيه لافواصل بينها ولاسواتر والصوره الذهنيه لاتكاد تغيب , تملأ المكان , تتجه مباشرة الى غايتك , الى بيت من تقصده لاتحتاج عنوانا ولايلزمك دليلا , سوى نحنحتك قبل دخولك للسلام على من تحب من أهلك وأقرابك , الزمن ثابت والجغرافيا مطمئنة ساكنه , ذاكرتك مستريحه , تشعر بالقرب , لاتشعر بالانفصال ولا بالفجوة ولابالقطيعه , لامكان للقطيعه الا لجاحد أو لجاهل , العيد لايمثل سوى تتويجا للوصل القائم أصلا . حاولت جاهدا أن أضع قائمة بأسماء بعض الاقرباء والاصدقاء لزيارتهم مهنئا لهم بالعيد السعيد , حصلت على معلومات عن عناوينهم ومكان إقامتهم , كانت غجازة العيد فرصة سانحه حيث لا زحام مروري ولاتكدس سيارات أمام اشارات المرور , ولا تقاطعات تلزمك بتغيير اتجاهك قسرا نظرا لذلك , وجدت أحدهم وسط غابة من البيوت الجديده , سألته عن جيرانه قال لاأعرفهم , ولاأعرف جنسياتهم , فرح بزيارتي وكأنني قادم من دولة أخرى, بينما وجدت الآخر جالسا وحيدا في مجلسه الانيق وحلوى العيد وكنافته في كل مكان , قال أنه ينتظر قريبا له قادم للسلام عليه , وسألته عن أقربائه وجيرانه في الفريج سابقا قال بعضهم إكتفى برسالة على الواتس أب , ذكر لي أن جيرانه من الاخوه العرب , بادرت في رمضان بالاتصال بهم عن طريق إرسال الطعام بين البيوت كما هو متعارف عليه عند أهل قطر فبعضهم كان إيجابيا والبعض لم يتقبل ذلك أو لم يتعود عليه . صديق ثالث , عبر لي عن حسرته وشعوره بالوحده لأن ثقافة الوصل إختفت مع إختفاء الفرجان في قطر , ذكر لي أن ظاهرة بناء المجمعات السكنيه بهذه الكثافه ظاهرة مخيفه , وهي أشبه بالمعسكرات منها الى المشاريع الاسكانيه حيث البوابه والتفتيش وساكنها الذي يحمل مع الوقت بذور الشك في القادم الجديد . وأشار قريب آخر الى أن هناك , إزدواجية ثقافية آيلة للظهور بين ثقافة أهل قطر وثقافة الوافدين الجدد, والبقاء سيكون لصالح ثقافة الاكثر عددا , وذكر لي عدة صور لذلك حيث لاحظ مظاهر صاحبت صلاة العيد و والاحتفال به لم يكن متعارف عليها عند أهل قطر . التطور سنة من سنن الله في الكون لاشك في ذلك , لكن مهمة الانسان أن يشارك في صنعه بما يحفظ له مقاصد عيشه وهويته وأسباب وجوده . وأنا عائد الى منزلي طغت على ظني فكرة "الانقراض" وأنها تبدأ أساسا من التفكير في الذات مستبعدة الذوات الاخرى أو على حساب الذوات الاخرى, وترتكز كذلك على هرطقة إجتماعيه تنادي " أنا وبعدي الطوفان"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق