الخميس، 16 يوليو 2015

"البدع" وذاكرة الطيبين في العيد


يمثل البدع التقاء الفريج بشاطىء البحر , ينشىء علاقه متفرده بين حيوية الفريج وسكون البحر , ذلك الشارع الممتد من بيت الامير الأب السابق , الذي أصبح "الديوان الخاص" فيمابعد نزولا حتى شاطىء البحر الذي أصبح جزءا من كورنيش الدوحه الممتد على طوله بمحاذات ذلك الساحل الجميل , بيوت البدع المتداخله و عوائل البدع المتجانسه المتحابه كانت تمثل بيئة صالحة لنا الاطفال القادمين طمعا في "العيديه" وفرحها بجمعها في أيام الاعياد , نبدأ بالمعارف والاقرباء ثم يصبح الجميع أقرباء ومعارف , لازلت اذكر بيوت أهل البدع من عوائل قطر الكريمه , العطيه, والسودان , والسبيع , والربان , العلي المعاضيد, وغيرهم مما لاتسعفني الذاكره اليوم باستجلابهم الى لساني . الشىء المختلف في البدع عن غيره من الفرجان الداخليه وفرجان الضواحي هي التصاقه بشاطىء البحر ولازلت أذكر تضاريس ذلك الشاطىء المثاليه "للحداق" الامر الذي يجعل من العيد أيضا بالنسبة لنا نحن القادمون من الريان لزيارة ومعايدة الاقارب فرصة سانحة للحداق أو لتعلم الحداق , فلانرجع الا مع المغرب وغالبا بخفي حنين بعد أن انفقنا ماجمعنا من "عيديه" على شراء الخيوط والييم "الطعم" لصيد السمك والباقي على شرب الشاي والسندويشات في دكاكين البدع وبقالاته القديمه. العشرين أو الخمسين روبيه أو ريالات قطر ودبي كانت كفيله بأن تجعل من أعيادنا إحتفالات ومباهج , كان الانسان أكبر من الفلوس و كانت العلاقه الروحيه أسمى من الاجسام الماديه و كانت التكاسي الصفراء , اكثر التصاقا وحميمية من البنتلي والجاكوار" البدع" منطقة تاريخيه , عجت عبر الزمن بكثير من الاحداث الهامه في تاريخ قطر, وبها مجتمع نخبوي , من الحاضره, أو أنه أكثر الفرجان نخبويه . تأتي منطقة البدع بين منطقة الرميله , ومنطقة الجسره , وكلا المنطقتان كانت سكنا لمزيج متناغم من اهل قطر جميعا , ويمثلون جميعا ثقل منتصف الدوحه حيث الديوان الاميري وبيوت الشيوخ بمعنى أن صلخ هذه المنطقه يفقد الدوحه هويتها الأصيله وتبقى فقط الاطراف فقط بلا قلب , , التاريخ كان اغنى من الجغرافيا , عندما كان البدع قائما بمن فيه كنت أرى كثافة ملحوظه , وبعد أن ازيل وجدت مساحة من الارض تبدو صغيره جدا مقارنة بمن سكن فيها فأيقنت ان التاريخ حضور وليس مساحة , وفعل وليس إزاحة. فب الاعياد نتذكر الفرجان لأنها جزء من أعيادنا الراحله , العيد ليس مناسبة دينيه فقط وإنما تواجد إنساني يخلق المعنى ويحفظ التاريخ ويربط التواصل بين الاجيال . ونحن في ليلة العيد المباركه نكبر مع المكبرين , ونستذكر أياما كانت الاعياد فيها لها طعم الأرض ورائحة الأهل وطينة الوطن .الله أكبر , الله لااله الاالله والله أكبر ولله الحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق