الجمعة، 3 يوليو 2015

النموذج العماني القريب منا جغرافيا, البعيد عنا ذهنيا.


تمتد من مضيق هرمز الى حدود حضرموت على شكل خاصرة للجزيرة العربيه من مياه الخليج الى بحر عمان إمتدادا الى بحر العرب , تقابلها من الجهة الاخرى اليمن بينما تمتد الجزيرة العربية من حدودهما الى الشام والعراق شمالا. تسكن في هدوء لايعكره الا تصاريف الطقس من موسم الى آخر , تنعم بإستقرار تحسد عليه , تقف دائما في المنتصف و لاتتحدث كثيرا و لاتبحث عن الاضواء, لايسرقها الوهج الاعلامي من موقعها وثقافتها وعاداتها, لاتدفعها السياسة الى ردود الافعال , لايدفعها الاقتصاد الى تبني الاجندات التربويه والاجتماعيه المخالفة لتاريخها وطبيعة شعبها. لايستهويها التغريب الثقافي , تتكسر على صخور مياهها الاجندات الطائفيه . عندما تصلي في مساجدها فلا تكاد تفرق بين المصلين ومذاهبهم , رأيت بعض الفروق البسيطه للمذاهب في اداء الصلاه تجتمع في مسجد واحد , لكن لم ألمح مظهرا ولا شعارا ولاعلما يدل على مذهب معين أو عقيدة معينه , تحدثت الى بعض ابناءها فأجابوا: بأننا نعيش التسامح الديني كما في أزهى عصور الاسلام. بعد إنفجار الخليج أو تفجره الذي نشهد اليوم ارهاصاته اليوم بوضوح أصبح النموذج العماني ملفتا للنظر وجديرا بالمتابعه والملاحظه , من الكويت حتى عمان تعيش المنطقة توترا سياسيا طائفيا إخوانيا مشهودا , بينما تعيش بقية دول مجلس التعاون حالة من التوتر بنسبة أو بأخرى كما ذكرت ,ينعم العضو السادس"عمان" في منظومة مجلس التعاون بحالة مثلى من الاستقرار في جميع الميادين نحمده ولانحسده عليها. يجب أن ننتقل في متابعتنا من مواقفها السياسيه المثيره للجدل أحيانا, الى دراسة رؤيتها الوجوديه للاوضاع وللجغرافيا وللتاريخ وللدين . هل الانسان العماني بطبيعته هو سر الاختلاف ؟ هل الجغرافيا القصيه تجعلك ترى الأمور أكثر وضوحا؟ هل هو التاريخ المختلف أم العقيده المتسامحه؟ هل بعدها عن البداوه بمفهومها الصحراوي ؟ هل طبيعتها الساحليه ؟ نحن بحاجة الى فهم اسباب التسامح والتعايش العماني ؟ تذكر المصادر التاريخيه أنه في عام 629م بعث الرسول الاعظم صلوات الله وسلامه عليه برساله الى ملكي عُمان عبد وجيفر أبنا الجلندي يدعوهما للإسلام وبعد وفود متبادله وبعد اقتناع وطواعيه قبلا الدخول في الاسلام. وأثني الرسول على أهل عمان ومدحهم, حين بعث رجلا الى حىَ من احياء العرب فسبوه وضربوه فلما رجع اليه واخبره قال الرسول الاعظم"لو أن أهل عُمان أتيت لما سبوك ولاضربوك" اليوم هناك إهتماما كبيرا بالنموذج العماني من جانب الغرب ليدرك سر إختلاف عمان وبعدها عن التطرف الطائفي الذي يعصف بالمنطقه حتى يكاد يأتي على وجودها كدول. ذكراحد أعضاء الوفد الامريكي الذي كان زائرا لعمان مؤخرا ضمن برنامج معرض رسالة الاسلام " أن الشىء الذي جذبني ان العمانيين يطبقون القران والسنة النبويه بإعتدال بعيدا عن الغلو والتعصب, لقد قدمت الى عمان من أجل التعمق في فهم الاسلام ومذاهبه. وقال أحد اعضاء وفد آخر قدم من المانيا لدراسة نموذج التعايش العماني "أن أن النموذج العماني يحتذى به في جميع الشعوب وإن حياة العمانيين تقوم على احترام البشرية والاديان" والجدير بالذكر أن أهم مجله على مستوى العالم العربي فيما يتعلق بالتعايش تصدر من وزارة الاوقاف العمانيه تحت مسمى"التفاهم " وحملت إسم "التسامح سابقا" كذلك. فالنموذج العماني هو من يمثل القوه الثقافيه المستقبليه لمنطقة الخليج فلايجب التفريط فيه دون الاستفاده منه , أرجو من الأمانه العامة لمجلس التعاون الخليجي أن تخصص قسما أو إدارة لدراسة هذا النموذج بهدف تعميمه أو الاسترشاد بخطوات عمله التاريخيه , حتى على الأقل يمكننا تفسير هذا الثبات العماني الواثق وسط الارتجاج والزعزعه التي تضرب بالمنطقه وتحيل المسلمين الى جثث والمساجد الى إطلال مهجوره أوثكنات بوليسيه.
النموذج العماني معنا داخل قبة مجلس التعاون , لكنه ذهنيا هناك خارج القبه في رحاب الإنسانيه الأوسع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق