الخميس، 27 أغسطس 2015

أخلاقيات الفريج وأخلاقيات المدينه



عندما إنتقلت الى المرحله الاعداديه بعد حرب 67 كانت لاتوجد سوى مدرسة قطر الاعداديه للبنين في جميع أرجاء الدولة ساعتئذ, يفد اليهاجميع طلبة الدوله من جميع المناطق ليستكملوا تعليمهم الاعدادي فيها , وهي مدرسة شاسعة المساحه مترامية الاطراف فيها العديد من الملاعب . في مدارس المناطق الخارجيه كانت بيئة الطالب صغيره ورفاقه محدودين والجميع يعرف الجميع والمسافه من البيت قريبه في مثل هذه الظروف سادت أخلاقيات الفريج الواحد على طبيعة ىسلوك الطلبه , وكان إحترام المدرس في مقدمتها والخوف من الناظر نابع من طبيعة وجود المدرسه الحديث في وسط هذه البيئه , أخلاقيات الفريج الواحد أو المنطقه الواحده حيث لم الاتصال ميسرا كما نرى اليوم , ولم يكن الذهاب للدوحه بشكل يومي أو حتى أسبوعي لشباب تلك الايام إلا لضرورة استطباب أو لحاجة ماسه, ولم تكن تسمى في الاغلب بالدوحه , حيث يشير الكبار في الاغلب إليها بمسمى "البلاد" , فتسمع أنا رايح البلاد" ويقصد الدوحه. ما يعنيني هنا نمط سلوكيات الطلبه من جيلنا في ذلك الوقت حين إنتقلنا الى مدرسة قطر الاعداديه في الدوحه , بعد أن كنا من طلبة المناطق. إندمجنا في مجتمع آخر من مجموع طلبة المناطق المختلفه في الدوحه الذين كانوا يسكنون القسم الداخلي نظرا لصعوبة الانتقال اليومي لمدارسهم وكذلك بطلبه من الجاليات العربيه التي كانت تسكن وتعمل في قطر , هذا المزيج , أفرز سلوكيات أكثر جديده أكثر حده ومواجهه ومقاومه عن ماسبق أثناء دراستنا في مدارس مناطقنا الخارجيه , قل إحترامنا للمدرس وبالتالي من الخوف منه, ساعدتنا مساحة المدرسه الواسعه للاختفاء عن الانظار واجتياز السور والذهاب للاسواق والمطاعم, داخل الصف إيضا لم نعد اولئك الطلبه الصامتين الخائفين , نمط جديد من الاخلاقيات أنتجه هذا التمازج لم نكن نعهده في مناطقنا الخارجيه حيث العزله السائده الى حد كبير. اليوم , خرجنا من أخلاقيات الفريج الى أخلاقيات المدينه, اليوم نخرج من أخلاقيات المدينه الى أخلاقيات العالم المفتوح بعد أن أصبحت مديتنا تعج بالجنسيات التي سمعت أنها وصلت الى 99 جنسيه تعيش وسط مدينتنا ,أيام قطر الاعداديه , كانت سلوكيات طلبه في فترات المراهقه , وخلفهم آباء صارمين ومجتمع جميل يعيش بالاخلاق, كان الانتقال ضمن حيز اجتماعي واحد, اليوم في كل ساعه نحن ننتقل من حيز الى حيز آخر, ومن نطاق أخلاقي الى نطاق أخلاقي آخر مضاد له تماما , في نفس الوقت نشكو ضعفا تعليميا ملوحظا وتسيبا تربويا ننسج منواله بأيدينا , رحم الله أيام قطر الاعداديه كم كانت أخلاقيات طلابهاالذي كان ذلك الجيل يهجوها مثاليه , لو أطلع ذلك الجيل على الغيب وما يخفيه المستقبل للقادم من أجيال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق