الأحد، 8 نوفمبر 2015

برنامج"فصاحه" بين الواقع والمأمول


أعلنت القطرية للإعلام عن إنتاج برنامج ضخم يُعنى باللغة العربيه ويحث على التمسك بها كهوية جامعة لاغني عنها لشعوب الضاد العربية, وادراك تمام الادراك إهتمام الشيخ عبدالرحمن بن حمد الرئيس التنفيذي للمؤسسة باللغة العربيه وحرصه عليها وتطلعه المستمر لإنتشارها , ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أوجزها في التالي:
أولا: يأتي البرنامج كما أذيع لرد الاعتبار للغة الفصحى , وهذا يعني أننا فرطنا أو قللنا في الماضي من أهمية أهم مكوَن لهويتنا العربية والاسلاميه. وذلك يتضمن الاعتراف ضمنيا اننا إختلقنا وخضنا المعركة الخطأ في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ كذلك.
ثانيا: فرطنا في السابق وأخشى التفريط في القادم, ارجو ان لايكون قطار "فصاحة" هذا من السرعة بحيث يبدو متعارضا أو بديلا عن العامية التي هي أيضا لغة عربية, أو يخلق تصورا في ذهن الشباب أن هناك تصادما وتعارضا بين اللغة الفصحى والعامية المحلية الدارجة.
ثالثا: نحن لانتكلم اللغة , اللغة تتكلم من خلالنا, الانسان كائن متكلم , الانسان وعاء للغة ليس إلا, فاللغة هويتة التي ينكشف بها على العالم, إحتفاؤنا باللغة الاجنية طوال سنواتنا القليلة الماضيه على حساب لغتنا العربية كان خطيئة في حق الارض والهوية, لذلك مصطلح رد الاعتبار أو الاعتراف يجب أن يأخذ حيزا كبيرا جدا وبصوت عال حتى تغفر لنا هذه الاجيال التي فرطنا في حقها وشككناها في هويتها .
رابعا: تمكين اللغة العربية يحتاج الى قرار سياسي على اعلى مستوى , بحيث تصبح لغة التعامل في جميع الاوساط الرسميه الحكومية منها أو الخاصة. الدراسة في الجامعة ايضا لابد وأن تكون باللغة العربية وأعتقد أن هذا القرار أتخذ مؤخرا , ولكن أيضا جاء متأخرا بعد سنوات من التقليد ومحاولة التطور على حساب الهوية .
خامسا: هل اللغة هدف ذاتها أم هي وسيلة إتصال وتواصل ؟ هذا سؤال يمكن الاجابة عليه لتوضيح عدم تعارض اللغة الفصحى مع اللهجة الدارجة , الفصحى هي غاية في حد ذاتها ووسيلة , بينما الدارجة هي وسيلة بالدرجة الاولى, من الاهمية أن يدرك الشباب ذلك .
سادسا: نحن أمة بيان ونص"القران" كانت المعلقات قبل الاسلام هدف لغويا في ذاته يمثل عظمة البيان , وبعد القرآن اصبحت اللغة سرا من أسرار العلاقة مع الله يكشف غموضها الاكثر فصاحة ولسانا.
سابعا: أتوقع البساطة في الطرح لتحبيب النشء في الفصحى قدر الامكان , اتمنى ان يكون البرنامج له من القدرة على اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين كما شهدنا في برنامج شاعر المليون في حلقاته الاولى.
ثامنا: لايمكن ان يتابع المشاهدين " برنامج فصاحة" والرموز اللغوية التي تقع عليها أعينهم تهدم أبسط قواعد اللغة العربية بداهةَ, لوحات الفرجان والاحياء والمناطق والشوارع في قطر وقد أشرت الى ذلك في مقال سابق "لبديع- لدحيل- لوسيل-لأبرقه-لوَل ....الخ", هذا التناقض بين المسموع والمرئي لايوجد ذهنية ايجابية لديها صفاء الاستيعاب, أرجو تزامنا مع هذا البرنامج مراجعة هذه الرموز واللوحات الارشاديه الهزيلة لغويا.
تاسعا: بودي لو أضيف الدكتور علي بن أحمد الكبيسي أستاذ اللغة العربية كمحكم في البرنامج وهو الاكاديمي , الاخوة المحكمين جميعهم كفاءات إلا أنهم ليسوا أكاديميين , وبرنامج مثل هذا لابد أن يكون أحد الاكاديميين في اللجنة ليبدو أكثر مصداقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق