الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

الأزمة ك"سياق" والأزمة ك"إلتحاق"



قليلٌ جدا من المثقفين من إعتبر  الأزمة الحالية أزمة سياق , معظم المثقفين المحليين بمافيهم الاعلاميين والكتاب على حد سواء , رأوا فيها فرصة للإلتحاق , الفرق بين مثقف السياق ومثقف الالتحاق, ان الأول يضع الامور في سياقها , بينما الثاني يرى  الامور  بشعاراتها  الكلية المطروحة, في كل وقت  وتحت أي ظرف. في حالة الانتصار لمثقف السياق  يحصل التطور  والاستفادة  التراكمية من الازمات , وفي حالة الركون لمثقف الالتحاق  تبقى الامور على ماكانت عليه قبل الازمات .المثقفون هم الاسمنت العضوي  الذي يربط البنية الاجتماعية بالبنية الفوقية السياسية, كلما كانت لديهم القدرة على رؤية السياقات التي يمر بها المجتمعات, كانوا اكثر قدرة على التأثير والدفع بالمجتمع الى التطور وهو أمر ليس بالسهل  نظرا  لمقاومة الاوضاع الراهنة لأي عملية تغيير  حتى ولو استدعت الظروف , فكرة السياق تقوم على أن هناك حدث  أو سياق داخل المجتمع  أدى الى بروز سياق آخر  مقاوم له , قد يخلو المجتمع من السياق وما يقابله   لسبب أو لاخر , ولكن لايمنع أن يظهر سياق خارجي مقاوم له , حتى  يحدث التغيير , قد يعيش المجتمع عشرات السنين  بلاسياقات  تتفاعل تعمل على تطويرة , ولكن في النهاية يحدث التغيير  بظهور سياق مضاد له  داخليا او خارجيا, المجتمع الشمولي  يقاوم تعدد السياقات ويحبب فكرة الالتحاق  حتى تستوفي شروطها كاملة  ليحدث بعد ذلك الانهيار, مثقف الالتحاق  جندي جيد  يدافع  لكن يفتقد القدرة على التطوير  بينما مثقف السياق  يطرح بدائل  لأنه يرى الامور  بشكل ثقافوي  الاسباب والنتائج والبدائل , أنا اعتقد أنه حتى الآن الانتصار لمثقف الالتحاق  وقد تبرر ذلك الظروف القائمة والهجمة الشنعاء التي تتعرض لها الدولة , لكن لامحيص  بعد ذلك من الاخذ بيد مثقف السياق  واستيعابة في اروقة الدولة حتى يرى  الامور بشفافية ويحذر من عواقبها بنزاهة على شرط أن يُستمع له  إنطلاقا من  الايمان بأن الجميع مخلص للوطن وللقيادة  وبالتالي قضية الوطنية ليست مطروحة للنقاش , وكما أنتج  المجتمع لمثقف الالتحاق   أوصافا , كجلاد الحصار وسيف الحصار وبطل الحصار , في حالة اعتماده لمثقف السياق سينتج أوصافا من قبيل  تجاوز العقلية التي أدت الى الأزمة, أو عقلية مابعد الحصار  أو نسبية أمتلاك الحقيقة  للإنتصار على من يدعي إمتلاكها من دول الحصار , إذا نظرنا الى الأزمة كسياق أمكننا أن نتجاوزها  وأمكننا بالتالي إيجاد أرضية للتطور, أما إذا نظرنا اليها  من منظور الالتحاق  , قد يكون هناك مبررا لذلك في البداية, إلا أن إستمرارها  لمدة طويلة  من  خلال هذا المنظور  الاستاتيكي , فإننا  أمام عسكرة  تدافع بشكل جيد لكن  لاتملك  مكان الهدم شيئا  تقدمه سوى أن تعيش على أنقاضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق