الخميس، 23 نوفمبر 2017

"شهقة" المنصب



هناك من يقضي سنينا في المنصب دون أن يصدق  أنه يحتل هذا المنصب؟ هناك من يريد من  يذكره دائما أنه لايزال وزيرا أو مديرا ؟ هناك من يقضي فترة المنصب كلها  وهو غير مصدق أنه فعلا  أصبح فيه,  وبالتالي هناك من يخرج من المنصب وهو لايزال يعتقد أنه لم يدخله بعد  شوقا إليه , وأن المستقبل ليس  الغد وانما هو أيام المنصب ولياليه الخالية, لاحظت عجبا وأنا اتأمل المناصب  وروادها  في بلادنا , شىء عجيب , هناك من يستقبل المنصب بشهقة  لايفيق منها  حتى آخر أيامه على كرسي المنصب , ينسى من حوله سوى من  عيَنهُ , لايتذكر من المسؤوليات سوى قرار تعيينه .إشكالية المنصب لاتزال قائمة  رغم قيام الدولة مما يقارب نصف قرن الآن, قلة فقط لايتجاوزن أصابع اليد  من كانوا خارج "شهقة" المنصب ,هذة الظاهرة أفرزت ظاهرة  ثانية  جاءت بعدها وهي ظاهرة "يتامى" المنصب , بعد ذهاب المنصب  كثير من اصحاب الشهقة  أصبحوا يعانون اليتم, لأن تاثير "الشهقة" عند إختيارهم للمنصب أعمى اعينهم عن موضوعية المنصب  ووقتيتهُ  وربما أخلاقياتهُ.  توابع شهقة المنصب  ذات طابع إجتماعي  بحت بعيدا عن المهنية المطلوبة , نشاهد صاحبها  يقدم الولاء للمسؤولين على حساب  ربما المواطنين ويعمل كذلك على تطويل أمد بقاءهُ في المنصب ,  على حساب جودة أداءهُ وحيادتهُ أمام مسوولية الوظيفة. وتفرز هذه الظاهرة بالتالي  ثقافة الشكر  والامتنان  من منطلق ديني بحت وكأنها عطاء رباني  أكثر منها حساب دنيوي  مبني على  قواعد  وأسس  وكفاءة يمتلكها  الذي وقع عليه الاختيار في المنصب. لاأعتقد اننا  سنتقدم إداريا طالما أن المنصب يُحدث "شهقة" في نفس من يتم إختيارهُ له  لايفيق منها  الى وقت طويل , لذلك تجد الفرحة بالمنصب كبيرة جدا والخروج منه حزن كبير وربما إختفاء وغياب  وكأن من خرج من المنصب  أساء للمجتمع ويخشى من تأنيب المجتمع له, في حين حينما تعين نُصبت له الخيام وتوافد له الحضور من المهنئين , أعتقد اننا لانزال في هذة المرحلة إداريا لانزال بين "شهقة" المنصب  و"يُتم" الخروج أولاعفاء منه. سبب ذلك يبدو واضحا وهو خلو المجتمع من التنظيمات المدنيه , وجمعيات  المجتمع المدني الوسيطة التي تملأ الفجوة بين المجتمع والمنصب  فيخرج منها المواطن للمنصب  بشكل تلقائي مليىء بالثقة ويعود اليها  بعد المنصب أكثر خبرة  وإتزانا. أعتقد أنه حال الأوان لاطلاق المبادرات الأهلية وقبولها  داخل المجتمعات من جمعيات ومنظمات أهليه  تعمل على شحذ قوى المجتمع , ولايستعاض عنها بالجمعيات الحكومية لأن الفارق كبير , الوسط الاجتماعي بحاجة ماسة  للإمتلاء بالارادة  الاهلية ولقد أثبت الحصار صلابة المجتمع ووفائه لقادتة , فليس هناك خوف  وليس هناك بديل عن قيادتنا ووقوفنا معها صفا واحدا لكل من تسول له نفسه الاضرار بقطر , فليس أقل من أن نبدأ في التصحيح  من أجل مستقبل أكثر ثقة  بالإنسان  وبالإرادة الحرة لبناء مستقبل يليق بالأجيال القدمة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق