السبت، 8 أكتوبر 2022

الدولة وكأس العالم والخمر

ثلاثة مفاهيم يجب ان نفرق بينها، الاول: المنكر سواء كان خمراً او خلافه الثاني: الفرد او الانسان وما يمتلك من رؤية او عقيدة وكذلك مساحة حرية شخصية الثالث: الدولة ككيان عضو في مجتمع دولي يتفاعل وينفعل وعليه التزامات داخليه وخارجيه سواء محليه او اقليمية اودولية. تداعى القوم منددين بافتتاح محل لبيع الخمور في احد مرافق فندق شيراتون الدوحة للمصرح لهم ، وتناسوا ان هذا المحل او الشركة موجودة منذ سنين في قطر وما هذا الافتتاح الى التسهيل ربما بمناسبة قرب افتتاح كأس العالم فهو امر ليس بالجديد،كما ان الخمر متوفر في جميع فنادق الدوحة الكبرى وفي العديد من المطاعم منذ سنين،لا يعني ذلك اقراره بشكل شخصي ، بل ربما يستدعي انكاره لدى من يرى ذلك من الافراد،، جميعنا يسافر ويقضي اوقاتاً طويله في بلاد الخمور. والمراقص والقمار وكثير منا يعود نظيفاً كما ذهب ، محاولة للفهم وليس للتبرير,الانكار حق لا تشكيك في ذلك ، لكن الدولة جهاز عصري براجماتي يتعامل مع الواقع والظروف وشروط التكيف والبقاء والمصلحة العليا في الاستمرار والتبادل مع الغير، العقيدة مطلقة لكن الدولة نسبية، فشلت دول العقيدة الصلبة في الاستمرار، الدول الشيوعية مثالاً، فشلت دولة العقيدة الدينية المطلقة كذلك في الاستمرار وتحولت الى النسبية التي تقوم على الحرية الشخصية كمعيار لسلوك الشخص، التحول الذي تشهده الشقيقة الكبرى السعودية مثالاً ايضاً على ذلك ، العامل الحاسم في الخروج من مثل هذا المأزق بين مانسميه بالمنكرات وموقف الدولة منها ليس باعتماد العقلية المطلقة سواء فيما يتعلق بالمنكر او بموقف الدولة منه، فهناك منكر ديني ومنكر اجتماعي ومنكر ثقافي المنكر الديني يتعلق بالفرد، بينما المنكر الاجتماعي يتعلق بالمجتمع والثقافي يتعلق بثقافة المجتمع كالذي نراه ونسمعه في وسائل الاتصال المجتمعي من اسفاف وانحطاط في الاسلوب والخطاب.الخروج من هذا المأزق في اعتماد النسبية ما امكن على الافراد ان يراعوا ظروف الدولة، والتزاماتها كما على الدولة ان تراعي وتحافظ على صيانة المجتمع وثقافته ، في اعتقادي ان افتتاح مكان لبيع الخمور اهون كثيراً من السماح لسنابات ومواقع للاتصال الاجتماعي تموج بفحش الكلام وبذيء القول ممن يتم تأجيرهم بابخس الاثمان وتحمل شعارات رموز البلد هنا الكارثة ، كانت رموز ثقافتنا من امثال د كتور حسن نعمة، وناصر العثمان ومبارك بن سيف ال ثاني وعلي الكواري واخرون، اليوم انظر ماذا ترى واي محتوى تستمع اليه ؟ القضية اكبر من افتتاح فرع لبيع الخمور هو موجود اصلاً وزبائنه مسجلين في سجلات الدولة، هنا يبقى أن أشير أن قرار الدولة بالسماح ببيع الخمر قرار نسبي بمعنى أنه يستطيع المجلس التشريعي أن يشرع بمنع الخمر كما حصل في دولة الكويت , الدولة لم تمنع الخمر وانما مجلس الامة هو من فعل ذلك , فالخمر شربه اختيار , والسماح به او منعه قرار وليس قدر هذة قضية الخمر وغيرها من المنكرات في المجتمع بين خيار فردي وقرار حكومي واستئناف شعبي دستوري ,أما القضية التي تشغلني بالفعل فهي قضية انحدار في مستوى الثقافة وتنامي في طموحات الدولة الحل كما اراه في انتشار الدولة عن طريق بناء مؤسساتها بحيث يصبح قرارها نسبي أمام قرار المجتمع واعادة هيكلة المواطنة بحيث لا تبدو موضوع تسلق بقدر ماهي موضوع ايمان بحرية شخصية وثقة في الاختيار وعدم بناء المطلقات في زمن يموج بالنسبية كما هي نسبية هذا الانسان وضاءلته في هذ العالم الشاسع بل ونسبية الكرة الارضية باكملها بالنسبة لهذا الكون الفسيح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق