الأحد، 23 نوفمبر 2025

فلسفة المكان

 علاقتنا بالمكان ليست علاقة جغرافيا  أو مجرد حدث تاريخي بل علاقة وجودية تجعل منه كائناً آخر أو ذاكرة أخرى تحمل في طياتها تاريخنا الشخصي والجمعي, يرى هايدغر أن المكان هو أفق كيوننتنا , نحن " نُلقى  في العالم وهذا الإلقاء  يتم في مكان محدد يسبق وعينا به, فحين نغادره لانتركه بنياناً  و جدراناً بل نترك جزءاً من ذواتنا متجذراً فيه, تجد كثيراً من كبار السن يرفضون ترك بيوتهم القديمه حيث نشئوا أو عاشوا طفولتهم أو شبابهم فيها, لأنها أصبحت جزءاً من كيانهم الشخصي فالمكان يحفظ الاحلام  اكثر من حفظه للأشياء, فالفلسطيني الذي يحمل مفتاح بيته المهدوم   او المشرد من وطنه الذي يحمل   اسماء  الاماكن  التي طمست بفعل الاحتلال  أو السكان الاصليين في الشرق والغرب الذين  يحفظوا اسماء قراهم  التي  مسحها السكان الجدد  ليس هذا سوى اسلوب مقاومة للمحتل الجديد عبر  الذاكرة المكانية فالذاكرة والمكان ليسا فقط  نشاط عقلي  ولاجغرافيا على خريطة وانما هم أسلوب مقاومة  فعال, نحن لانمتلك  اماكننا بل هي من يمتلكنا , المكان لايموت نحن من يموت, المكان  هو الغرف الي سكناها , والبيوت التي عشنا فيها, والشوارع  التي مشينا على ارصفتها,  والجدران التي كتبنا عليها خربشات حبنا  الاول  , هو مجموع ضحكاتنا في فضاء الفريج , هو شجر المنتزهات والحدائق الي  زرناها, المكان لايموت بل   هو من يحملنا  لندفن مثل نخلة  تحمل اسماء عشاقها الذين نقشوا على جذعها تواقيع مرورهم عليها قبل  أن يغادروها الى الابد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق