الأحد، 10 أبريل 2011

كلهم مستبدون, ولكن ليس كلهم حراميه


 إذا كان الاستبداد وليد شرعى للتاريخ العربى فان السرقه  نشوز أخلاقى عليه , تاريخنا يسمح بالاستبداد ولكن لايسمح بالسرقه. الاستبداد قد تبرره السيكلوجيه العربيه وغالبا ما يحصل ذلك , ولكن السرقه  ضربه فى صميم الخلق العربى لاتغتفر ووصمه عار لاتمحى. هم يحاكمون اليوم لأنهم  سارقون, هناك ألف من يدفع  ويبرر لإستبدادهم , ولكن لايوجد من يستطيع أن يبرر لسرقاتهم وإستباحتهم للمال العام, مال الشعب والاجيال , ثروة الأرض , أرض كل الشعب وقبره بعد ذلك. الإستبداد دون سرقه , نمط يمكن التعامل معه, الاستبداد مع بناء الاقتصاد الوطنى , نموذج مشهود تاريخيا لدى بينوشيه  فى تشيلى وسوهارتو أندونيسيا. فإذا كان الاستبداد يبنى رغم بشاعته , فإن السرقه  تفنى وتهدم رغم  أوصافها المخمليه ومشاريعها الوهميه. الاستبداد يخيف الجميع المجرم والمستقيم, والسرقه تحتوى السوق وتحتكر الثروه فهى إستعباد وإستبداد فى نفس الوقت والآن. قضية الشعب العربى لم تعد حريه مع هذه الانظمه, قضيتهم أصبحت مع الفقر الذى تخلفه رغم ثروات الاوطان. هوجم عبد الناصر كديكتاتور وداعيه للقوميه , وقتل  السادات بدعوى الخيانه , ومات بورقيبه  دون أن يملك بيتا يسكنه,  حاكمناهم بمعيار لم تصنعه ثقافتنا أصلا, ولم تنتجه مجتمعاتنا منذ البدء, فكان حكمنا عليهم ظالما لايستقيم ثقافيا وتاريخنا. ليت الأمر إستمر إستبدادا وطنيا لكنه تطور ليصبح  نهبا  عائليا وطائفيا وقبليا. من يقرأ عن ثروات اللاحقين من القوم الآفليين  منهم والمتشبثين  يرى ويسمع عجبا , آلاف المليارات تكتنز , والشارع يئن ويستصرخ جوعا. أنا على يقين أن السرقه والنهب الى درجة إشعارالشعب  بأنه لايساوىحتى حد الكفاف, هو ما حرك الجموع , أكثر من الاستبداد ذاته, مشهد حرامية السلطه هو ما يحرك جموع ميدان التحرير جمعة بعد أخرى , وهو ما يجعل بن على مطلوبا دوليا وملعونا يوميا. إستبد  ولاتسرق معادله قبلتها الثقافه العربيه كقصور لتاريخها وتشابك أوصاله ولكن  أن تسرق مع الاستبداد وأعنى بالسرقه "سرقة الشعب" فهذا فى تعارض تام معها  لاتحتمله البنيه الثقافيه الانسانيه عموما, النموذج الديمقراطى فى العالم كله يقوم أساسا على منع السرقه" الرقابه" أولا ومقاومة الاستبداد ثانيا . تاريخنا  أنصف من لم يسرق أكثر من إنصافه لمن أقام العدل لأن العدل قد يتطلب الاستبداد. أنصف ابى بكر  والخلفاء جميعا وعمر بن عبد العزيز من هذا الجانب أكثر من كونهم غير مستبدين, حيث يرى بعض المؤرخين أن لدى بعضهم  نزعه إستبداديه فى بعض المواقف  لايتسنى  المقال لذكرها. على كل حال, السرقه هى وليدة الاستبداد ولكنها ليست نتيجه حتميه له,  من أمن العقوبه أساء الأدب. الشعوب اليوم تعاقب على السرقه أكثر من معاقبتها للمستبدين. لايمكن إعادة عمر الشعوب الذاهب مع الاستبداد ولكن يمكن إعادة   ثرواتها المنهوبه وخيراتها المسلوبه وملاحقة حرامية المال العام وإذلالهم لإعتدائهم على شرف الأمه ومستقبل الاجيال. المستبد- الحرامى فى تقابل مع المستبد –العادل  هذا الاخير انتجته الثقافه  العربيه فى عصر المبادىء والقيم   معالجة للقصور السياسى  فى تاريخها   بينما المستبد- الحرامى أنتجه عصر المال المعاش الذى دخلته الثقافه العربيه بخفى حنين سياسيا إستنادا على أن العدل صفه بشريه وهنا المقتل. أُطالب بالإنصاف التاريخى لكل مستبد فى تاريخنا لم يسرق أموال الشعب ,وبأشد العقوبه لكل سارق إستبد  بمال الشعب ونهب خيراته. صونا لتاريخنا على إعوجاجه   

هناك تعليقان (2):

  1. ولماذا يستبدون بالامر ؟ اليس لكي ينهبون ولا يحاسبون ؟ بلى ان الاستبداد والانفراد بالراي ليس من اجل مرض الشعور بالعظمه مثلا الا في حاله عبد الناصر ربما ولكن الم يغتني من حول عبد الناصر ؟ الفساد قرين الطغيان والديكتاتورية . ابهة الشاه وترف الملكيات واسطوريه الاستثمارات والاملاك والحياه اللاهيه الفارهه لامراء الخليج ..مسيج بالقبضه الحديديه وكل وزير اول في حكومات العالم الثالث يتحكم في التشريعات لكي يحمي الصفقات .
    لا يا سيدي لا يخشون وخزه ضمير ولا يحتشمون من القال والقيل ولا يأبهون لكل ادله التلطيخ بل يسرقون ويحلبون ..ويعصرون الكروم و يبزقون النوى في محاجر العيون الجائعه .. اشكره والعين ترى

    ردحذف
  2. صحيح كلهم مستبدون، و لكن ليس كلهم حرامية و لكن كلهم حرامية عندما يضمون في الاستبداد زمن طويل.

    تبدا القصة من أن الدكتاتور اصله طيب مثلنا جميعا و عندما لا يجد إلا التطبيل و التزمير يصل لمرحله هو نفسه يتفاجىء كيف اصبح دكتاتوراً..و عندها لا بد من ترسيخ القاعدة الآتية: اي حكم مستبد لفترة طويلة ..لا بد أنه سيخلق حوله طبقة من المنتفعين و الحرامية، و من يسمح للسارق بممارسة السرقة يعني انه مشترك في الجريمة و متستر عليها لأغراض في نفسه و لاولاه لما تمت أركانها. و في حالات كثيرة تكون المشاركة فعلية بالحصص و المقاسمات.

    ردحذف