الاثنين، 22 مايو 2017

هل ريَفنا المدينة أم مدَنا الريف؟

أذكر عندما إنتقلنا للدراسة  الى الدوحة في المرحلة الاعدادية في أواخر الستينيات , حيث كانت ضواحي الدوحة تمثل ريفا  بالنسبة للمدينة  التي هي الدوحة, أذكر أنني فوجئت ببعض مظاهر الفردانية التي لم تكن واضحة لنا  قبل الانتقال الى الدوحة كطلاب , منها على سبيل المثال لا الحصر , خروج الطلبة أثناء اليوم الدراسي  وخروجهم خارج أسوار المدرسة و كذلك غياب ا قوة الضبط الاجتماعي الذي كانت تمارسه  الاسره على أبناءها مقارنة بالوضع ونحن في الضواحي, كذلك الشللية السلبية  نتيجة  عدم التشابه , مقارنة بالشللية الايجابيه المتشابهة الى حد كبير" عيال فريج واحد" أيضا لاحظت قدرة الطالب على اتخاذ القرار  بمفرده دون الرجوع الى العائلة  نظرا الى البعد عنها والسكن في القسم الداخلي  مع الطلبة الاخرين والعودة للعائلة كل  نهاية اسبوع , لا أنسى البعد العربي وتأثيره كذلك على نمط تفكير ذلك الجيل  فكانت أمانيهم مرتبطه بسقف أعلى يصل الى حدود الوطن العربي الكبير.كنا نتسابق لشراء مجلة العروبة  ومن بعدها جريدة العرب حيث لم تكن هناك مكتبات خارج نطاق الدوحة  .يمكن القول أن القبيلة  إختفت شيئا ما وراء المدينة وبعد ذلك في المرحلة الثانوية  وظهور الاندية الثقافية في الدوحة  واصدار مجلة الدوحة الثقافية , فتمدن الريف  وتخرج من بين ابناءة المهندسون والاطباء والباحثون , كل ذلك تأثير "مديني" . ما ألحظة منذ فترة  أن إختفاء دور المدينة والثقافة المدينية  أخذ في التلاشي شيئا فشيئا  في حين تعاظم دور  قيم المرجعيات الاولى  التي تمثل تجذرا واضحا في الثقافة الريفية, ومع تزايد عدد سكان المناطق المحيطة بالدوحة  من جميع الجنسيات ,أصبح هناك نوع من التكور والتشرنق حول  الذات أثر سلبيا على الحياة في المدينة وبدأ يصدر  ميكانزمات هذا التشرنق حول الذات على شكل  دعاوي الحفاظ على الهوية وعلى اللهجة الاصلية  وما الى ذلك ووصل حتى للاعلام . بل  ربما هناك محاولات لاجتثاث صور التنوع أمام  الحشد للشمولية والنمطية لاحظنا ذلك في بعض استعراضات اليوم الوطني  بدعوى المحافظة على الموروث,وزيادة عدد مجلات الموروث الشعبي والشعر النبطي بشكل ملحوظ  كذلك, إختفى دور المدينة أو تلاشى بعد إختفاء أهم أحياءها الحضرية, أين دور نادي الجسرة الثقافي الذي كان رائدا على مستوى العالم العربي في الثمانينات مثلابل اين الجسرة والبدع والرميلة        ؟هذه كانت مراكز تحضر تحمل قيم المدينة بتنوع  سكانها من جميع العوائل القطرية بدوا كانوا أم من الحضر, المناطق الجديدة التي أنشئت  هو بداية ترييف المدينة    وأخاف مستقبلا  من قيام بؤر تهميش تكون  سببا في القضاء  على  كل ما يتبقى من المجتمع من نخبوية, خاصة  مع تزايد عدد سكان هذة المناطق على حساب المدينة  ,بالاضافة أننا ربما نمارس  جمع الاضداد دونما  قدرة على الخروج من ذلك  بمركب ثالث يدفع الى التطور , فنضع عصبية القبيلة الى جانب الجامعة الغربية  الحديثة   والاصولي الى جانب قيم الفندقة الحديثة الاستهلاكية.لعل أفضل قرارا اتخذ مؤخرا هو دمج ناديي الجيش ولخويا في نادي واحد  لانهما مظهر من مظاهر ثقافة الريف وميكانزمات القبيلة  الجامحة أمام ثقافة فرجان المدينة وأحيائها الهادئة المطمئنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق