الأحد، 17 يوليو 2011

الوسط المعرفى... الشهاده ومن يحملها



كثيرا ما تستعمل الشهاده العلميه فى مجتمعاتنا  كتعويض  لحالة الثبات المجتمعى  التى جُبل عليها المجتمع , فليس ثمة تغيير لها على طول المدى. ومثل هذا التكتيك  مُضر للعلم وللمعرفه فى آن واحد. لأنه يدفع الشخص أساسا لإمتلاك الشهاده ليس ربما حبا فى العلم وأنما لتحسين وضعه الاجتماعى وإنتشاله من حال ثابت قد  أقره عليه المجتمع بشكل نهائى إلى حال أفضل إجتماعيا بإضافه صفة الشهاده العلميه إلى جانب إسمه بمناسبه وبغير مناسبه. كنت أعجب فى زيارتى لمصر فى مطلع شبابى وأنا أرى  لوحات الشهادات للأطباء والمهندسين وغيرهم  تسُد البالكونات  والنوافذ وهى تحمل أدق التفاصيل عن هذه الشهادات  والمميزات التابعه لها سابقا ولاحقا وهل تطل على الشارع , وأتسآءل  ماذنب المواطن وما يخص الفرد فى الشارع أن يعرف أن صاحب هذا البيت أو الشقه يملك شهاده بمثل هذا الحجم وقد شوهت منظر السكن ناهيك عن الشارع. وأزدت عجبا فى زياراتى لأوروبا  بعد ذلك لما وجدت أن اعظم المؤسسات وأكبر الاطباء  يكتفون بمجرد علامه صغيره على مكاتبهم  تشير إلى مهنهم وشهاداتهم عباره عن  مختصرات لاتتعدى الاحرف الثلاثه. فأدركت بعد ذلك ان للمسأله بُعد إجتماعى يتعلق بوضع الفرد فى المجتمع وبحراكه الإجتماعى من عدمه.   إختفاء التمايزات  الطبقيه بأشكالها تجعل من الوسط المعرفى وسطا صحيا ويقلل من حدة إختلاطه وتشوه أهدافه وتفرز إلى حد ما طبيعة المنتسبين إليه. فالبروفيسور يتصرف بطريقه لاتميزه عن الفرد العادى فى حين أن أستاذ الجامعه لدينا يريد أن يعرف العالم  بأكمله أنه دكتور يمتلك الشهاده, حتى وأن كان الوضع لايحتمل ذلك وليس فى مكانه. لذلك ترى فوضى   معرفيه ,عندما يضطر الفرد لإستعمال شهادته  فى كل حين و فى غير محلها ومكانها  أثباتا لذاته  فعليك أن تدرك أنك تعيش فى مجتمع  طبقى من الدرجه الاولى , نقرأ مقالات عاديه غير متخصصه يذيل اصحابها اسماؤهم  بلقب دكتور أو إستاذ دكتور ما مناسبة الشهاده هنا, ما أهميه أن يدرك المشاهد مثلا أن من يقرأ نشرة الاخبار  حاصل على الدكتوراه  وهل يستلزم الأمر ذلك, ليس القصد هنا  الاشاره لأحد بذاته لا والله  ,ولكن الأمر كونه ملاحظه لمشكله أعمق  واشد  وهى  ثبات المجتمع  وإقصائه  وتأثير ذلك على الوسط المعرفى حيث يتجه لمواجهة هذا الوضع  وليس لهدف أسمى هو المعرفه فى حد ذاتها,  خسر العلم يوم اصبحت الشهادات العلميه وسيله لتحسين الوضع الاجتماعى أكثر منها مطلبا ذاتيا, خسر المجتمع عندما جعل من اللقب  هدفا فى حد ذاته فمن لم يتاح له اللقب  فطريا فليبحث عنه  أين وجد, خسر المواطن  عندما أدرك  أن وجود اللقب العلمى أهم من ذاته  فأختبى ذاتيا وراءه وأستعمله حتى عند دخوله المطعم ليأكل. البعد التاريخى لهذا الاشكال موجود فى الطائفه الاجتماعيه والدينيه حيث الجهال  والمطلعين والشيوخ , لاتجوز  الترتيبيه الجامده الا فى الجيوش  لترتيب الأوامر  فقط والالتزامات, المؤسسه فقط تلتزم بالهيراركيه " الترتيب التنازلى للأ وامر" أما فى المجتمع  فهى مفسده  وتفسد الاخلاق والمعرفه معا. عجبت لشهاده يأخذها المرء فى سنوات عده , يستمر مفعولها الى آخر العمر وربما بعده لتصبح هى  الأصل وصاحبها  هو ظلالها المنعكس,  إحفروا داخل العقليه المجتمعيه  ولاتكتفوا بالنظم والمناهج  لإصلاح الوضع  لأن الشهادات ستؤخذ ,  ولكن بأية نيه ومن أجل ماذا  هذا هو السؤال؟ولاأعنى هنا شموليه ولكن الجانب السلبى  فى الموضوع قد أصبح ظاهره  يمكن ملاحظتها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق