الأربعاء، 2 يوليو 2014

"الجنه" بين القادم إليها والخارج منها





"دي أيه ؟دي جنه , ولا في أمريكا أو أوروبا تخش المستوصف وتخرج بكيس من أحس الأدويه واجودها ببلاش تقريبا"
القطريين شعب طيب وغني ولكن ما بيعرفوا إلا يؤجروا بيوت "
"قطر اغنى دوله في العالم , نصيب الفرد من الدخل القومي الأعلى عالميا "
نسبه كبيره من أثرياء العالم من القطريين"
"قطر كعبة المضيوم"

هذه العبارات بعضها سمعتها شخصيا, والآخر نشرته الصحف القطريه والعربيه والعالميه. والأخير شعار دولة قطر في توجهها , ودورها العالمي الجديد. نجد كثير من الأخوه العرب في المقاهي والمولات يبحثون عن وظائف في قطر قادمين بعد أن سمعوا عن توفر فرص العمل في قطر وقلة سكانها وحاجتهم الى يد عامله , وأنا شخصيا قابلت أحد الأخوه الجزائريين في محطة بترول يسالني المساعده لتحصيل ثمن تذكره للعودة بها الى بلاده بعد أن خاب ظنه في الحصول على فرصة عمل كما كان يسمع عن توفرها بسهوله في بلاده. في ظل ما يحتوي عالمنا العربي من حزام ناري مشتعل , تبدو قطر "جنه" ويبدو الوصول إليها أملا, ولكن تبقى الصوره في الأذهان سائده عنها وعن شعبها لاتتغير , بلد صغير جدا وغني جدا وشعب قليل"طيب" ,فعندما يصل بك النقاش الى حد الإحتدام مع أحدهم , أو يغضب أحدهم تخرج هذه الصوره من اللاوعي الى الوعي واللسان سواء كتابيا أو شفاهة على القنوات الفضائيه.
القطريون يعيشون على حزمة اخلاقيه متوارثه, وهم اكثر مجتمعات الخليج محافظة الى عهد قريب , لذلك وصف أحد المشايخ قطر بقوله أننا حين نتكلم عن قطر أو ننوى الذهاب إليها نقول "ح نروح الجنة". بالمعنى المعنوي إلا أن الاغراء المادي جعل منها اليوم "جنه" بالمعنى المادي لهم كذلك.
كل خوفي اليوم على إستنزاف هذه الحزمه الأخلاقيه المتوارثه بسبب التغيير السكاني السريع الخطا وما يرافقه من إرتفاع سريع في مستويات المعيشه نظرا لربطه وإرتباطه بمستوى الاستيطان الجديد وإقامة المدن الجديده و إرتفاع سعر تكلفة الأرض والبناء نظرا لذلك, ويصبح القطريون متغير تابع لآخر مستقل, حافظ القطريون تاريخيا على الحزمه الاخلاقيه المتوارثه لوسطيتهم كمجتمع ولصعوبة التمييز بينهم والوعي بخطورة ظهور الطبقيه بشكل يؤثر على هذه الحزمه الاخلاقيه ومن ثم على التضامن الاجتماعي, الفئات الوسطى اليوم تعاني وبعضها شارف على الانهيار,فقد تراجعت قدراتها الشرائيه أمام الزيادات المتواصله في الاسعار للمواد الاساسيه, كما أرهقها النظام المروري الذي تحول الى نظام جبايه اكثر منه نظام ضبط وتنظيم وأصبح السائق عليه أن ينتقل من مستوى سرعه الى اخر كل خمس دقائق مع بنيه مروريه لاتتماشى والنمو السكاني المتزايد مهما حاولوا التوسع فيها, كل ما اخشاه هو إحتياطي الأزمات وقدرته على التعامل مع توسع أفقي وعامودي يبدو عشوائي للمواطن الذي لايملك معلومات سوى مايرصد يوميا من الصحف , ولاتوفر له الجهات المختصه هذه المعلومات الحيويه ليدرك وضعه وأين يقف.
"الجنه" بالنسبه للمواطن , ليست هي الجنة بالنسبة للقادم الجديد , جنة المواطن اليوم, هناك من يهُم بدخولهاغيره, بينما هو يهُم بالخروج منها ولكن ليس لأنه عصى ربه كما جرى لأبونا آدم ،وإنما لأنه عجز أن يكون متغيرا مستقلا في زمن المعادلات والتوازنات داخل الأوطان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق