الاثنين، 13 أكتوبر 2014

"حول الانسان وذاكرة المكان" تنمية "ال زهايمر"


28-المكان موقع وحاله نفسيه
كان الوالد عبدالله بن ناصر السويدي وزير المواصلات والنقل رحمه الله, الذي عَملت في مكتبه مايقارب العقد من الزمان يقول لي "أنا حصاة من حصى البدع" هكذا أرتبط القطري بالمكان . من حسن حظ الجيل السابق انهم رحلوا قبل عملية إزالة الفرجان والمناطق القديمه في قطر, وإلا كانوا قد شعروا بخيانتهم للماض والتنكر له, وعلى الرغم من التعويض المادي المجزي التي قدمت وتقدمه الدوله تعويضا عن إزالة المساكن والفرجان , إلا أن الضرر النفسي لايمكن تعويضه , حيث يرتبط الانسان بالمكان نفسيا بحيث يصبح ذاكرته التاريخيه التي تساعده على العيش متأقلما مع حاضره ومستقبله, بل ومصدر قوته وتميزه عن القادم الجديد بحكم التاريخ , ونجد في جميع دول العالم مايسمى بالمناطق التاريخيه المكتظه بالسكان واهل المنطقه , يتساوى أهل قطر اليوم الذين أخرجوا من فرجانهم , في المناطق الجديده المستحدثه, مع القادم الجديد الذي لم يحصل على الجنسيه بعد أو أنه لايزال يسعى للحصول عليها. هناك في ذاكرة القطري اماكن كان من المفترض المحافظة عليها بشكلها السابق او تحسينها بطريقة تحفظ الذاكره والمكان والتاريخ في توافق , أين شارع"الكهرباء" مثلا أفضل شوارع الدوحه واشهرها للتسوق , وشارع "مشيرب" أين الرميله وأزقتها , والبدع وحواريه, مناطق كثيره في الدوحه وضواحيها, كانت تمثل ذاكرة الانسان القطري , اليوم يستوي القطري من أهل هذه المناطق مع القادم الجديد , بل يفوقه هذا بأنه يبني ذاكره حديثه , بينما هو يعيش على بقايا ذاكره لاوجود ملموس لها على الارض, كان من الافضل تعميم تجربة سوق واقف على وسط الدوحة كله بدلا من هذه العمارات التي لاتعطي انطباعيا تاريخيا ولاجماليا ولاتشعر المواطن بانه يمتلك تاريخا , ناهيك عن إزالة جميع المعالم الاجتماعيه الاولى لأهل هذه المناطق من مجالس أو بيوت كانت محطا ومعلما إجتماعيا ,إلا فيما ندر وكأن الأمر إعادة كتابة للتاريخ.
29- تسليع التاريخ والانسان
إضطرت الدوله للحفاظ على التاريخ بعد إزالة المكان وإختفائه الى عملية تسليع واسعه للتاريخ, فأوجدت قناة الريان , ومجلة الريان , والريان لم يعد قائما كمكان , واضطرت بتسمية بعض طائراتها بإسم "البدع" ولم يعد هناك بدع , وكذلك "الرميله" و"وادي السيل" وهكذا. عملية التسليع هذه إمتدت الى تاريخ الانسان كذلك , فأصبح هناك "الخويا" و"الفداويه" و"الفزعه". لايمكن ان تكون هناك ذاكرة بلا مكان إلا إذا كانت ذاكره إفتراضيه , ولايمكن ان يكون هناك إنسان بلا ذاكره إلا مرضى "الزهايمر", ولايمكن أن يكون هناك تعليم مالم يَجُب ماقبله من صور للجهل والتخلف , فهل يمكن أن نتصور حاملا للدكتوراه أو للماجستير يعمل في "الخويا" وهي وظيفه ماقبل التعليم مثلا كمسمى وليس كجهاز, أو في الفداويه مثلا.
أعتقد ان مجتمعنا الصغير يقف عند مفترق طرق , يبدو مستسملا لمصيره , واثقا من قيادته , مؤمنا بربه وبإخلاصه لارضه ولترابه, لكن المستقبل يحتاج الى عقليه مستقبليه مبادره وليس فقط تغير شكلي في المسميات للحفاظ على التاريخ , نحن اليوم نزور المكان لنتعرف عن التاريخ والانسان , وعملية تسليع التاريخ وبيعه في علب جديده قد يضر أكثر مما ينفع ," فالشرهه" مثلا اصبحت مكرمه" والطارش أصبح "نديب", واللي عروقهم في الماء " كما نقول سابقا أصبحوا الوجهاء , لايكفي تسليع التاريخ للمحافظة عليه , كما لايكفي تسليع الانسان لإبقائه على وضعه كما كان في سلم الحراك الاجتماعي . حبي لبلدي قطر ولقيادتها ولإنسانها يجعلني حريصا على التنبيه والتحذير والاشادة والنقد , فالمواطنة واجب يؤدى, قبل ان تكون حق ُ يطالب به.
"اللهم إجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق