الأحد، 12 أكتوبر 2014

"حول الانسان وذاكرة المكان" نمط العلاقات الاجتماعيه ,الحلقه الرابعة عشر

24- المجالس و"الحبوس"
شكلت المجالس و"الحبوس" وهي جمع "حبس" بكسر الحاء وهو بناء يشبه الكراسي ملتصق بالحائط للجلوس عليه وكذلك "الدكيك" جمع "دكه" وننطقه "دجه" كذلك وهو مكان مرتفع من الارض في الفضاء عادة امام البيت للجلوس عليه خاصة ايام "القيض" الصيف, مكانا للتجمع بشكل يومي خاصة بعد صلاة العصر وبعد صلاة المغرب بين أبناء الريان , ونظرا لطبيعة هذا الاماكن وتشابهها وانتشارها , تأصلت علاقات أفقيه بين أبناء الفريج في كل مناطق قطر, فالانتشار وتبادل الزيارات كما شاهدته كان أفقيا . في تلك الفتره من ستينيات القرن المنصرم ومع بداية السبعينيات , ولم يكن الشيوخ بعد إنغمسوا في التجاره وفي المناصب الحكوميه كما يبدو الآن, لذلك كانت علاقة اهل الريان بهم علاقه ذات طابع اجتماعي أفقي كذلك , بمعنى انه لم يؤثر على علاقاتهم ببعضهم البعض , كان اشهر مجلس في الريان القديم هو مجلس الشيخ جاسم بن على بن عبدالله , حيث كان هناك برنامجا لتناول الغداء بعد صلاة الجمعه , ودرس ديني يومي على "حبس" المجلس يقرأ فيه المطوع حسن مراد ما يتسر من الحديث والسيره, كذلك مجلس الشيخ خالد بن حمد أطال الله في عمره , ومجلس خالد بن عبدالله العطيه رحمه الله , ومجلس محمد وعبدالله ابني فهد بن محمد آل خاطر, ومجلس على بن محمد المضادي ومجلس ابراهيم بن على ال ابراهيم ومجلس الوالد محمد بن خالد الخاطر رحمهم الله جميعا وفي الحقيقه كل بيت في الريان بل أن كل بيوت أهل قطركان يلتصق بها مجلس ,لم يكن شكل المجلس مهما ولايبدو مزخرفا كما نرى اليوم ,أنا اعتقد أنه في تلك الفتره كان معنى كلمة "شيخ" تمثل أكثر تفاصيلها دقة للموصوف بها من آل ثاني, لأنه لم يكن له عمل آخر غيرها , سوى استقبال أهل قطر والترحيب بهم ومساعدتهم في قضاء حوائجهم نظرا لإمتيازاته الماليه , أما العلاقه بالحاكم وولي عهده فكانت مباشره كذلك إلا ان بعض الخدم أو العاملين لدى الحاكم وولى عهده في ذلك الوقت يظهرون نوعا من التسلط احيانا في ممارسة اعمالهم واعاقة البعض من الوصول للحاكم , لكن علاقة أهل قطر المباشره بالحاكم حيئذ كانت أقوى وقلوبهم كانت أصفى ,
25- سقوط ثقافة المجلس أمام ثقافة "البزنس"
في إعتقادي أن أخطر ما تعرضت له العلاقات الاجتماعيه في مجتمعنا القطري المتحاب والمترابط , هو دخول الشيوخ في مجال "الاعمال" البزنس" وليس بعقلية التاجر الذي تدرج في بناء أعماله وعلاقاته , وانما بعقلية "الشيخ" ذات الشرعيه المتوارثه, أثر ذلك كثيرا في نمط العلاقات الاجتماعيه بين أفراد المجتمع بعضهم البعض , وبينهم وبين الشيوخ"العائله الحاكمه" فأتجهت العلاقات بينهم البين الى الذبول أفقيا , وبينهم وبين الشيوخ الى الاتجاه رأسيا من أسفل الى أعلى ومن أعلى الى أسفل بالنسبة للشيوخ , بما أوجد بشكل واضح علاقه "زبائنيه", زادها تقليد المنصب الحكومي من قبل الشيوخ رأسيه على حساب العلاقه الأفقيه بين أفراد المجتمع , فخلت المجالس الا من صاحب مصلحه , وتكدس الزوار في مجلس صاحب المنصب حتى يقال أو يستبدل , وزادت الشلليه الاجتماعيه والتجاريه داخل المجتمع واخذت العلاقات تتشكل على أساس معايير اخرى أقل إنسانيه , ونظرا لطبيعة "البزنس" السريه , تطلب الوضع والعلاقات نموذجا آخر لم توفره ثقافة المجلس الشائعه سابقا , فاكتظت مجالس الشيوخ باشكال انتهازيه على استعداد لتقديم وتسهيل الأمور بعيدا عن ثقافة المجتمع اذا استلزم الأمر, إلا انني كنت الاحظ استمرار وفاء اهل الريان وتمسكهم في عاداتهم وزياراتهم لبعضهم البعض , إلى ان زال المكان نفسه وأختفى الريان
انتهت الحلقه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق