الاثنين، 25 مايو 2015

وامعتصماه : في عصر الواتساب

يحكى ان إمامأ في أحد المساجد كان يخطب في الناس في يوم الجمعه, ويرثي لحال المسلمين والمسلمات وتكالب الأمم عليهم , ولايستجيب أحدا لدعواتهم وصيحاتهم من زعماء المسلمين , ويصيح , أين المعتصم , وأمعتصماه, تلك الصرخة التي أطلقتها إمرأة في عموريه بعد إن إستباحها الروم التي استجاب على إثر سماعها المعتصم الخليفه العباسي ,فجهز جيشا ليحررها من , القصة المشهوره التي خلدها أبو تمام في قصيدة الرائعه : السيف أصدق أنباء من الكتب في..... حده الحد بين الجد واللعب
ومازال يكرر وامعتصماه , وأختاه في سوريا , وأختاه في بورما , واأختاه في العراق, في فلسطين . وبعد إنقضاء الصلاه تفرق الناس خارجين من المسجد فإذا بفارس ذا طلعة بهيه على جواد عربي أصيل , يصيح انا المعتصم قد استاجاب الله لدعوات إمامكم وخطيبكم , وها أنذا أدعوكم الى اللحاق بي والالتفاف حولي لنذهب معآ لتحرير أخواتنا المسلمات من غدر الاعداء وأسر الكفار ,وأشار بداية الى خطيب المسجد, الذي إعتذر بأن لديه درس بعد المغرب في مسجد الخليفه أو الأمير, عن صلاح الدين الأيوبي بينما ثان أشار بأنه تلقى رساله على الواتس أب تفيد بأن أبنه ليس على مايرام , و ثالث أفاد بأنه سيحضر مباراة للقدم أولا , وآخر بأنه على موعد مع فريق الغطس للتدريب على الغطس , وآخر بأنه لديه لقاء تلفزيوني , وعاشر بأن لديه موعد عملية زرع شعر مستعجله في تركيا وسيغادر إليها غدا , وآخر بأنه ينتظر اتمام معاملة بناء بيت شعبي له ولأولاده. بعدها ترجل "المعتصم من فرسه بعد أن استفسر عن إمكانية تغيير مايحمله من دراهم ذلك الزمن" قائلا دلوني على السوق أو إلى أقرب مكان يباع فيه "الآي فون" وكيفية تنزيل برنامج "الوتساب" ليتمكن من الاتصال بإمرأة عموريه في كل مكان في عالمنا الاسلامي وتوجيهها بما يجب أن تفعله للخلاص بعيدا عن اعداد وإرسال الجيش , الأمر الذي سيتطلب وقتا طويلا.
هذه القصة الافتراضيه تمثل , جزءا من أزمتنا الثقافيه مع تاريخنا , والصور الذهنيه عن أبطاله عندما ننتزعها من إطارها التاريخي والزمني ونمعن في تسويقها عبر الاجيال غير مدركين بأنها عقبه أكثر منها حافز , ومشكله أعظم من كونها حل , بل انها نتصبح إمكانية للاقتباس والفهم السلبي مع مرور الزمن لأنها خارج الزمن المعاش , فإدراك الزمن يبدأ أساسا من داخل الذات التي تعيشه , بينما التاريخ كزمن صوره خارج الذات للإعتبار والتذكر.الواقع الآن أن الصوره الآخرى مخالفة تماما لماسبق ذكره في هذه القصه الافتراضيه , فمثل هذا الخطيب الذي يؤجج المشاعر ويحرك الجزء الانفعالي من الانسان ويثير الغرائز السلبية لديه , لعدم وعيه وإدراكه بأن الماضي ورجالاته ليسوا هذه الصور المنتقاه والمجتزأه من التاريخ , بل أن معظم ذلك ليس سوى تضخيم و زيادات وتراكمات تاريخيه والحقيقه ربما جزء بسيط جدا فيما وصلنا من ذلك , يستحيل أن ينتقل الحدث والفعل والقول عبر الزمن بدون تغيير , أبدا لايمكن سوى القران الكريم وذلك يرجع لحفظ الله له وتعطيل فاعلية التاريخ فيه كتغيير وليس "كفهم" بالفعل فأن مثل هذا الخطيب سيجد من يستجيب لصيحة وامعتصماه , أو صلاح الدين , ولكن ليس على صورة فارس ينتظرهم خارج المسجد ليطلب منهم اللحاق به , ولكن على شكل حزام ناسف يرتديه الشبان منهم وربما بعض الشيوخ استجابة لهذه الدعوه , ليس بالضرورة إيمانا بها بقدر ماهو يأسأ من واقع معاش , فتتحول صرخه إمرأة عموريه الشموليه الى أمير المؤمنين الى نداء داخلي يستجيب اليه المحروم والمعدم الذي أصلا يعاني من ظلم" أمير المؤمنين",قبل العدو الكافر ولعجزه عن تحقيق ذلك أو ربما استجابة لفتوى جرت صياغتها تماما تحقيقا لرغبة في تدمير وتشويه الاسلام وهي البداية بالأقربين من "عصاة المسلمين" قبل البعدين من الكفار وحيث أنه يمتلك جميع وسائل التقنيه فأنه لايسأل كما سأل المعتصم عن السوق ليشتري له "آيفون" وبرنامج "الواتس أب".بل يبدأ مباشرة بالإستجابه لنداء الخطيب الذي ذهب الى مسجد الوالي , ليحكي له عن إستجابة صلاح الدين لنداء تحرير بيت المقدس, ليدخل صاحبنا أقرب مسجد أو محل تجاري ويصرخ وامعتصماه وإسلاماه وضاغطا على حزامة الناسف , لتنزل دمعة الاسلام ونجني على القرآن ونخون أمانته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق