الأحد، 24 أبريل 2016

من أشكال الهوية المأزومة

   لو يعلم من يدفع بمجتمعاتنا الى هاوية الرؤية الضيقة والبؤرة المحرقية التي تقضي على غيرها ثم تتآكل هي ذاتها من الداخل لأدرك بأن الجهل"الاعتراف بعدم إمتلاك الحقيقه الكامله  " عامل أساسي وهام لتعايش المجتمعات، لو أدرك خطيب المسجد وهو يلقي خطبته أن الخطاب النسبي الذي يأخذ بالنص في ظل الظروف التي يعيشها الناس هو الخطاب الاسلامي الذي يتحقق ويتماشى مع العصر وان التفسير الكامل للقران لم يتحقق بعد ولن يتحقق الا مع إنطواء كتاب الحياة وطيه تماما, لما عشنا هذا التمزق الاسلامي الهوياتي المتشرذم,كم خرجت مساجدنا قنابل متفجرة وألغام قابلة للإنفجار. الدفع بالهوية الدينية كمحدد وحيد ,قتل مؤجل، الدفع بالمصطلح الهوياتي الديني مقدما على أوجه الهوية الاخرى إنتحار منتظر.. في زمن "الفتن" وهو مصطلح ديني ينتج مفاهيم دينية والحقيقة أن هذا الزمن ليس زمن فتنة وإنما زمن "مصالح سياسية واقتصادية" تعيش على إستهلاك مخزون الدول والحضارات الآخرى من بنى دينية واجتماعية متخلفة. ولي هنا بعض الملاحظات.
أولا: الدين ليس هدفا في حد ذاته وإنما هو وسيلة لإرشاد الناس وإسعادهم في هذه الحياة فالهدف إذا هو الإنسان.
ثانيا: "وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون" الهدف الاساسي في الدنيا هو عبادة الله , لذلك جاء الرسل والانبياء لهداية البشر الى طريق هذه العباده ولكن الانسان كائن تاريخي يعيش ضمن التاريخ وضمن البيئه التي تورث الدين ذاته , معظم معتنقي الاديان إعتنقوها وراثة ,والاختلاف ميزه وضعها الله في الكون للتعايش , لذلك الاساس لكل الاديان والهدف هو التعايش وليس الاقتتال بين كل عقيده على أنها الاحق بالعباده ,لأن الجميع سينظر على أن عقيدته هي التي كذلك دون غيرها.
ثالثا: التطرف الديني في المجتمعات الصناعية ناتج عن غربة الإنسان وتهميشه أمام الآله ورأس المال فاليوتوبيا هناك يوتوبيا عدمية بينما اليوتوبيا عندنا كمسلمين أو متدينين يوتوبيا "قيامية" لذلك هي عندنا جماعية واشد تجذرا وهذه مشكلة لا يمكن مواجهتها الا بتغير جذري في فكر المجتمعات ومنعطفات تاريخية كالذي شهدتها المسيحيه مثلا "خاصة فيما يتعلق بالفهم المتشدد منه/ كالشيعيه المتزمتة أو الأصوليه السنية المتشددة"، يرسب ويطور هذه الحالة سلبيا مستوى التخلف الذي تعايشه مجتمعاتنا وسوء ادراكها لمفهوم الثروة كعامل أساسي للاستقرار بدلا من كونه عامل او محدد للسيطرة فتتخلق نفسية تنتظر المستقبل للإنتقام وليس للبناء وليس أدل على ذلك من مشاكل دول الربيع العربي التي تعاني منها اليوم، سقط المستبد ولكن تجلت نفسية التشفي والانتقام.
رابعا: تدوير التاريخ وليس تجاوزه عندما اقتنع المأمون بفكر المعتزلة حمل القوم على ذلك، اليوم هناك من يريد الإخوان وفكرهم وهناك من يريد غيرهم وهناك من يحبذ الاصوليين وسلطتهم. لم تستطع أمتنا حتى اليوم من تطوير فكر حياتي تنموي لأنها جعلت من الدين هدفا اساسيا، بمعنى نريده لأنه متدينا وليس لأنه كفوا للمهمة بعيدا عن عقيدته أو دينه طالما أنه كفو وملتزم بالقانون. ويسقط الكفوء في الانتخابات لأنه لم يعرف عنه أنه يصلي مثلا.
خامسا: السلطة في عالمنا العربي تحتاج الى الدين إن لم يكن أصلا فرداء "وجلابية" والدفع الذي نراه اليوم بالهوية الدينية الى الأمام لن يحمي السلطة بقدر ما قد ينقلب عليها لاحقا والشواهد كثيرة قديما وحديثا لأن الفهم الديني انشطاري ومتحرك وله ألوان قوس قزح.
سادسا: المفروض التخفيف من وهج يوتوبيا العصر الأول وقدسية اصحابه وتدريس التاريخ للاجيال بشكل أقل قدسية ونقاء تدريسه واقعا بشريا وتخليصه من "المدهش" بقدر الإمكان إن كان هناك ثمة أمل يرجى لجيل جديد ينتظم قدما ولا ينكص على عقبيه خوفا من المجتمع المصاب بتاريخه كمرض او متلازمة أمراض وقواه الضاغطة.
سابعا: يتحول النسق السياسي الى نسق ديني لهذا الترابط والاستغلال , فيتحول الحاكم من رجل سياسه الى اشبه بالفقيه الديني أو خطيب المسجد ذو الاتباع والمريدين , لذلك يقضى على كل امكانيه للتحول الديمقراطي الذي يرى في السياسيه وسيله تغيير وليس وسيلة تأبيد .لذلك راينا تصادم بين خطيب المسجد المؤثر ورئيس الدوله أو حاكمها , لأنهما يتصارعان في نفس المجال , فينتهي عادة بتطويع الدين لصالح السياسه واحيانا اخرى بإنشقاق الدين الى مع وضد السلطه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق