السبت، 4 فبراير 2017

الحرية قبل الهوية


 

مجتمعات الهوية الجاهزة لاتتطور ولاتتقدم  لأنها  ليست مجتمعات حرية حين يعتقد الناس انهم يمارسون حريتهم , وهم لايمارسون سوى الهوية وليست حرية  , الحريةضمن مايسمى بالهوية  حرية ناقصة لأنها محكومة أصلا داخل إطار الهوية المعطاة, داخل الاستبداد أيضا هناك حرية  ضمن هويته فقط, الحرية تتطلب إنفتاح أفق الهوية  نحو المستقبل ,تعني أن تختار هويتك أو أن تصنعا أنت  , لا أن يحددها المجتمع مسبقا إعتمادا على تصور ماضوي  يجري تحديثة بإعادته وتلقينه من جيل إلى آخر, ما أراه في مجتمعنا  ليس سوى هوية ماضوية يجري إعادتها  وتركيزها  ويمارس المجتمع حريته من داخلها ولايجرؤ على فتح  وتحويلها الى حالة من السيولة تتناسب والتطور ومرور العصر, جميع النشاطات  التي تنتعش في هذا الوقت من العام هي نشاطات هوية  جاهزة  مستقاة من الماضي و بينما مناخ الحرية المنفتحة التي تساعد على التطور  والتقدم لايزال مخنوقا  ويوصف بالخروج مرة وبالمروق مرة أخرى.ماأود الاشارة إليه هو أن لاتبقى الهوية  ربوة عالية تقف عليها وتنظر الى العالم منها , أن يختار الانسان من يكون  هي هويتة, الدولة لادخل لها بالهوية, كما يصرخ البعض بين حين وآخر على الدولة أن تحافظ على هويتنا , هذه دعوة للشمولية وللعبودية وليس للحرية, الدولة شكلا للحكم و بينما الحرية شكلا من أشكال الانسانية,الاشكالية  الأكبرحين تتدخل الدولة في فرض هوية وشكلا محددا  لها  لتكتب تاريخا  أو تعيد هندسة المجتمع إجتماعيا , هذا كله من مثالب الخلط بين الدولة  والهوية  سواء طالب بها المجتمع دون وعيَ وإدراك أو تدخلا من جانب الدولة  وإجتهادا منها, شيوع الهويات الاولية في مجتمعاتنا نتيجة للفشل في تطوير معنى الهوية  بحيث يصبح قابلا للحياة بإستمرار, ولاشك أن هناك مصادر عميقة في أنفسنا تشكل نظرتنا  من الحياة ولكن الاشكالية في طريقة استدعائها,بحيث تنفتح على العصر وتفترش البعد الانساني أرضية لها وليس مجالا ضيقا يجعلنا نشعر بأننا  نرى العالم من عل , الهوية  دائما هي مستقبل  في تشكلها وإن كانت مصادرها عميقة في أنفسنا  منذ النشأة. لذلك نحن مجتمعات إمتداد وليست مجتمعات إنجاز وهنا يكمن  الاشكال الكبير  والصراع على التاريخ  كما كان لاكما يجب أن يكون, كذلك الدين ليس مجالا للهوية إلا ببعدة الانساني لأنه جاء ليكسر الهويات المنغلقة من طائفة وقبيلة وعائلة, نحن مجتمعات تعاني من عدم إدراك لحركة الوعي عبر التاريخ , فالدولة مرحلة من مراحل تبلور الوعي  التي وصلت اليها تلك المجتمعات , بينما ظهورها لدينا سابقا على الوعي بها فأصبحت  شكل من اشكال سيطرة الماضي على الحاضر لا أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق