الخميس، 24 فبراير 2011

الثوره وذهنية القائد العربى



لعل من أهم  إفرازات هذه الثورات العربيه المتلاحقه هى فى كشفها لنمط التفكير لدى القياده العربيه ورؤيتها  للتاريخ وكتابتة .  لو لاحظنا  نمط تفكير الرؤساء الثلاثه  التى عصفت وتعصف بأحدهم  الآن الثوره, لأستنتجنا  ضرورة إعادة كتابة  تاريخنا بشكل آخر تماما يختفى فيه البطل أو الزعيم ويتم التركيز على العوامل الاخرى  ودراستها  لأن بين سطورها تكمن الحقائق فقط , بينما مايصلنا فقط مواقف   فرديه فى لحظات معينه سطرت وكأنها تاريخ , فأختفى بالتالى الظرف  وهو ليس بالضروره مادى بل بلإمكان وكثيرا ما يكون بشرى , شعبا كان أومجموعه. دعونا نستعرض ما يؤكد ذلك من تصرفات الزعماء الثلاثه  المطاح بهم  فى حين توارى زين العابدين بسرعه , أصر مبارك على عدم الرحيل عن مصر , فى حين  أكد القذافى على الموت فى المعركه ,       أصبح الرهان على تاريخ اللحظه الأخيره , إعتبارا على ان العقليه العربيه تمجدها وتنسى ما قبلها , ولعل نهايه صدام  فى وعيهم  بالرغم من أن ظروفه أحسن من ظروفهم , فقد أسقطه الامريكان  على الأقل, وليس أبنا  الوطن.  هذا يكشف نمط تفكير القياده العربيه . ولى هنا بعض الملاحظات
أولا: إن التاريخ فى ذهنية القياده العربيه وأعنى بها الحاليه , رغم إنها إستمرار للسابق مع بعض  الاستثناءات , عباره عن نقطتي  زمن هما , نقطة إستلامها لزمام الأمور ونقطة خروجها بعد ذلك فالانجاز فقط فيهما أما ما بينهما فلا يهم وهو خارج الزمن  لأن التاريخ العربى كتابةً لايرى التفاصيل  فهو معنى بالأشخاص. لذلك  يجرى الحرص  لديهاعلى تحسين لحظة الخروج من التاريخ التى سطرته ولوكان سلبا  بل وكارثيا
ثانيا: ان عقلية القياده العربيه صماء  عمياء وهى تعتقد أنها تسطر تاريخا , فلاتفرق بين عدو خارجى ولا مواطن صاحب حق ,  فمواجهة الاثنين سواء بسواء فالشهادة لديها واحده دفاعا عن وطن أو  تجنيا  وعدوانا.على أبناءه.

ثالثا: اثبتت الاحداث القائمه  أن التاريخ فى ذهنيه القائد أو الرئيس هو تاريخه وإنه هو المجد وهو التاريخ  خاصة فى حالتى مبارك والقذافى بالذات. ولم يتسائل أحدهم كم اهدر من مال للشعب وحقوق للمواطنين  لكى يبنى هذا التاريخ ويستأثر به.

رابعا:  لأن الذاكره التاريخيه العربيه مخرومه فيجرى إستثارتها عاطفيا لتنسب التاريخ للفرد أو لتتسامح مع أخطائه  فهى ذاكره  ترى الفرد والشخص  فوق التاريخ بل وصانع له دوما  حتى اللحظه., على أمل انها تكون فى طريقها  لتصحيح ذلك بعد هذه الثورات التى صنعتها الشعوب ولا تزال بدون قياده فرديه حتى الآن وهذا هو أول الطريق.

خامسا: نمط تفكير الثورات مختلف تماما  وهو يدخل تاريخنا الحديث بهذه الصوره لأول مره, فلذلك يدعو الكثير من مخافة سرقة الثورات لأنها عوده الى نمط تفكير وعقلية القاده والزعامه العربيه القائمه اليوم والتى تتساقط واحدا تلو الآخر.

سادسا: حرص القياده العربيه  المأزومه على أن تكون  ساعتها الاخيره فى إتساق مع القيم العربيه والدينيه , مثل الشجاعه وعدم الهروب والموت فى ساحة المعركه, يخرج هذه القيم من قاموسها الفعلى الذى وضعت من أجله لأنها مرتبطه بظروف تجعلها كذلك ,فإن تغيرت الظروف  والمواقف  لاتبدو أنها تحمل معانيها , فمن يقاتل شعبه , أين هى شجاعته, أو مرؤءته, ومن يسرق وطنه أين هو إخلاصه وإيمانه. وهنا تقف الأمه مع تاريخها فى مواجهه كبيره وتقف بالذات مع التبرير كمفهوم أُستعمل ويستعمل دائما يخلط الدين بالسياسه والسياسة مع الدين. وهو من نوابغ  ما أنتجه العقليه القياديه العربيه  والثقافه العربيه  على العموم عبر التاريخ.
سابعا: ذهنيه القائد العربى لاتميز بين التراجع كفضيله وبين الاصرار الأعمى كرذيله , هنا تبدو عمق التركيبه النفسيه المضلله فى التاريخ العربى التى انتجتها ثقافتنا  التى وظفت التاريخ فقط على احقية القائد إن أحسن أو إن أساء. فهى هنا لم تتأثر بالدين ولا بالموروث النبوى.
على كل حال , إن من استمع للقذافى وهو يدعو الى الزحف والقتال  متشحا بكل قيم الفارس المغوار , يعتقد أن الثورة فى بدايتها لتحرير ليبيا من الاستعمار , إنه فارق زمن لم يدركه هو ولامبارك قبله, الذى كان يعتقد أن حرب أكتوبر  هى المواجهه فى ميدان التحرير. أسقطوا الزمن  فأسقطهم من حساباته  ولا ذوا با للحظات الاخيره  ليسجلوا تاريخا عجزوا  بل تخلوا بل وخانوا  تسطيره  عقودا وسنين طويله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق