الثلاثاء، 22 فبراير 2011

الثوره على الذات ومن أجلها





خجل من ذاته فثار عليها, إنها ليست ثوره على الأخر المغاير ,أو على الخارج  المختلف. لقد  انتصر على ذلك سابقا , وأعتقد أنه حقق ذاته , إلا ان التاريخ بعد ذلك حكى قصة أُخرى , لم تكن ذاته تلك التى إختارها بديلا عن الآخر المختلف الخارجى. هذه قصة الشعب العربى الثائر اليوم . ما نشهده اليوم وما نتابعه فى عالمنا العربى  هو ثورة البحث عن الذات , شعوب تبحث عن ذاتها  وهويتها وأحقيتها فى الحياه الكريمه, لاتريد من أحد أن يتدخل , ولاتريد من أحد أن يضحى بدلا عنها , ولاترتعد من المدافع ولاالطائرات وهديرها.  عدم الاحساس بالذات ,أو الاحساس بضياعها , مرحله لاتحتمل التوسط ولا المفاوضات ولا التأجيل.  العالم العربى بين" ذاتين"  ذات متضخمه للنظام  ومن يحكمه ويسيطر عليه  وذات مفقوده تائهه و ضائعه هى الشعب. عندما يصف النظام شعبه بالقطط والجرذان ,أو بالحراميه واللصوص . ماذا أبقى فيه من ذات تحترم لها حقوق وعليها واجبات. لذلك فأن الثوره على الذات ومن أجل الذات  أصعب كثيرامن الثوره  من أجل التحرر من ربقةا لاخر المغاير سواء مستعمرا عسكريا أو إقتصاديا    لأنها المقدمه الضروريه  له.  فمن العجب العجاب أن ينتكس الوضع بعد ذلك ليجد الشعب ذاته  بعد تحريرها من الخارج مغيبه تماما فى حين تتضخم ذوات من أَمرهم وأرتضاهم  حكاما له  لذلك  أرى هنا بعض الملاحظات:
أولا: إن الثوره من أجل الذات تتطلب وجود  ذاتا أصلا تشعر بذلك وهى مرحله تختلف فيها الشعوب وفى تقديرها . عندما لايشعر الشعب أن له ذاتا  بمعنى إراده جمعيه  فإنه فى مرحلة غياب حتى تتكون هذه الذات وتلك الاراده الجمعيه  فنضوج الاراده هو ما يدفع الامور  للثورة من أجل الذات , انضج الشعوب كما رأينا تونس فمصر والان مابينهما فى ليبيا.
ثانيا: تاريخ الذات المتضخمه "النظام" هى جزء من تاريخ الذات الشعبيه و لكنها تضخمت بعد ذلك فلا يجب أن تغفل حقه فى الثأر لذاته  منها لخيانتها  , ففى حين تقول الذات المتضخمه للشعب أين كنتم حينما فعلت كذا وكذا  يجب أن تدرك  أنه لولا قبول الذات الشعبيه لذلك وترحيبها به لما أمكن  تحقيق ذلك والاستمرار فيه بل والتفرد به تماما بعد ذلك.  

ثالثا: إهانة الذات الشعبيه  بإبراز الفروق المعيشيه الهائله  بصوره تؤذيها , دونما مراعاه أو خوف أورادع , وإستعمال الثروه الوطنيه فى إعادة ترتيب المجتمع طبقيا بصوره غافله لتاريخه ومهينه لرموزه , من أبرز عوامل الثوره على الذات من أجل الذات . تعَمد إهانة الشعب فى تاريخه , و{اينا المرتزقه, والبلطجيه  وفى جميع مجتمعاتنا توجد طبقه طفيليه مشابهه لهما وبإسماء مختلفه , إلا انها موجوده وفى إستعداد تام لخدمه النظام أو الذات المتضخمه .

رابعا:   الثوره على الذات تتطلب وجود قدره على إتخاذ الموقف  وتحمل تبعاته ,  وعادة ما يسقط العديد فى هذا الامتحان من رموز المجتمع  وشخصياته فلذلك نجد المجهولين اساسا هم صناع المواقف ومن يحرك الشارع  كما رأينا فى شباب مصر وتونس وليبيا حاليا  وغيرهم من عمال ورجال صناعه وغيرهم. النخب هى أضعف عقد فى الحلقه العربيه مع الأسف
خامسا:  الثوره على الذات هى بدايه الثوره على حلقة الاستبداد لكسرها لأن الإستبداد  ليس فقط من الاخر أو من الغريب . الذات المستبده إنسانيه بطبعها  وفى حاجه دائمه لرقابه وتوجيه  لذلك إدخال  عوامل أُخرى فى  هذا الشأن  لابد منها , وعدم الاكتفاء بالإرث التاريخى  وقائده فى فتره معينه من التاريخ والاعتماد على ذ لك , وهو مالوحت به ذات مبارك المتضخمه وتلوح به ذات القذافى البلغه التضخم وقبلهما بورقيبه  وكثيرون . أنا أعتقد إن الأمر يبدأ" بنحن"  أى الشعب ومع مرور الوقت  تصبح "الأنا" هى البديل لذلك  وهو ما تعمل جميع الثورات على تتجاوزه بل لاتعد ناجحه إذا لم تتجاوزه . بدأنا مع الاستقلال ومع بناء الدول بأشكالها فى عالمنا العربى"بنحن" وأنتهينا كما نرى ب"الأنا" المدمره  وما ثورة الذات التى نعايشها اليوم فى كل بقعه عربيه إنتقالا من ارض إلى أُخرى سوى  إعادة الإعتبار للذات الجمعيه بعد أن  هُمشت وكادت أن تندثر وتزول  لولا رمق أخير من كرامه وبقايا شعور بالمسؤوليه أمام التاريخ وأمام الذات والأجيال القادمه.

هناك تعليقان (2):

  1. اعتقد أن الشيخ القرضاوي قد أخذته العاطفة منفردة بعيدا عن التروي ... وقال مايقوله الفرد العادي البسيط ‏الذي يتابع الأخبار ويصرخ ياله من مجرم لايشفينا فيه سوى القتل والسحل ..‏‎ ‎‏ الشعب الليبي كان يحتاج ‏للموقف المساند الداعم وليس بحاجة لفتوى بحل دم أحد ... القذافي ذي دم مهدور بسوء فعله ... ولذا نشفع ‏لشيخنا الجليل حيث كان مأخوذا بالعاطفة التي شملت الجميع ... ومثل هذه الفتوى ربما يكون فيها فتح لباب ‏له تداعيات واشكاليات ضررها اكبر من نفعها لكون قول العالم له وزن وثقل يختلف عن قول الفرد العادي ... ‏والقول فيه حكم عادل فيما اذا نطق به قاض في محاكمة عادلة تماشيا مع عصر يتربص به العدو للنيل من كل ‏حكم يمت للدين بصلة ... ومما لاشك فيه أن بعض قادتنا اللذين تبين وتأكد للجميع كونهم لصوص .. قتلة ‏وعملاء يستحقون عقابا صارما ربما يكون الإعدام فيه رحيما فيما لوحوكموا محاكمة عادلة ورئيس مثل ‏القذافي - هذاالمضلل المعتوه المحرف في الدين ، ولم يكن مثل هذا الأمر خفيا قبل اليوم - يستحق عقابا اكبر ‏من القتل ... وارى من الضروري في حال اسره لانحره في المواجهة وهذا وارد العمل على التعرف على ‏اسراره ... من كان وراء تملكه لليبيا .. من ساعد على بقاءه طوال هذه المدة .. وماهي الأجندة الأجنبية ‏المضطلع بها ... وشكرا لكاتبنا على هذا المقال الذي تكامل في رؤيته لكونه نظر للأمر بنظرة بعيدة في مداها... ‏فالقضية اكبر من كونها متعلقة بفرد حاكم فهناك مثله الكثير مع الفارق في النسبة ... و ثورات الشعوب تهدف ‏لبناء الأوطان ومواجهة قضايا اهم واكبر من تسلط حاكم حانت لحظة الخلاص منه بفضل الله وقد أتى أمره ‏‏... شكرا على هذه الرؤية وهذا المنطق الهادئ الرصين وكلنا بشر نصيب ونخطئ ... ونأمل من شيخنا الجليل ‏اعادة صياغة لما تلفظ به في لحظة انفعال اصابت كل مواطن عربي وكلنا بشر ... تحية لشيخنا القرضاوي ‏وتحية لكاتبنا القدير ...‏

    ردحذف
  2. مقال مهم .
    وهناك نقاط كثيرة تستوقف القارىء .
    هذا النمط من المقالات لا يبسط رأيا فحسب بل انه يفتح ملفا ويدعو الى مناقشة قضية كبرى .
    تقول " إن الثوره من أجل الذات تتطلب وجود ذات أصلا تشعر بذلك وهى مرحله تختلف فيها الشعوب وفى تقديرها "
    هل وجدت ذات لكل ثورة ؟
    ذات موجودة وقابلة للتعيين وليست موضوعا للبحث والتقصي
    تقول بانها " مرحله تختلف فيها الشعوب وفى تقديرها"

    يبدو ان (ارادة ) الشعوب لايجاد الذات عمليا تسبق نظرات المفكرين لتقصي الذوات وفحصها .. او لعلها > الذات < العربية الجوهرية

    ان فكرة الحرية تسيطر على كل المحاور والافكار الاخرى
    الحرية في ثورات الشعوب العربية تسبق الخبز
    لان الحرية هي ببساطة : الأمن

    ردحذف