الأربعاء، 29 أبريل 2020

ثقافة "شيت أرناق"


 

أذكر ونحن صغار نلعب في الفريج يمربنا  رجل يحمل على ظهرة رداء كبيراً يضم في داخله  عدداً كبيراً من قطع الثياب وقطع قماش متعددة الالوان للنساء ويصيح شيت أرناق فينادى عليه  من بيت لآخر ويأتي عند الباب ويفرشه رداءه ويظهر قطع الثياب والملابس النسائية بألوانها المختلفة ويعرضها لنساء الفريج من بيت لآخر ويشترين منه  ما يردن ثم يطوي رداءه بما بقيَ ويذهب ليعود بعد كم يوم , هذا البائع "شيت أرناق" لاعنوان له  ولاأحد يهتم بمعرفة أسمه  أو من أين يأتي أو الى أين يذهب؟ وكلمة "شيت" أعتقد أنها تعني  قطعة لباس أو كما كنا نسميه"خَلق" وأرناق تعني أنواع فيما أعتقد . هذا التنوع يشبع طلبات كل نساء الفريج من من الملابس النسائية,  تذكرت هذا الرجل  وتذكرت ال"شيت أرناق" الذي يحمله وأنا اتتبع إعلامنا  الخليجي بشكل عام ومايبثه من برامج ومسلسلات خاصة في شهر رمضان , خاصة بعد تلاشي الطابع الترويحي الفكاهي  وزيادة جرعة الدراما الثقيلة ناهيك عن بعض البرامج التي تستجلب العنف والازدراء كوسيلة للتندر والضحك هذا التنوع في الشكل  الغير مدروس أو المؤدلج أحياناً ناهيك عن بعض البرامج المباشرة المكررة لقاء مع فنان أو مسؤول , يشعرك أننا نعيش ثقافة شيت أرناق مع جائحة الكورونا تبدو "الارناق" أكثر تعدداً وأكثر عدداً  النصائح تصلك حتى وانت نائم  والكل أصبح اختصاص فيروسات  والجميع يعيطك تعليمات بكل شكل ولون, شيت أرناق كان رجلاً بسيطاً  تبدو على ملامحة الطيبة وتعب السعي , بينما "شيتات أرناق" اليوم يملؤون الفضاء وهم على ارائكم جالسون  ويقدمون تنوعاً تلفيقياً هشاً حيث أن الامور تدار بعيداً عن تأثيراتهم  فإذا كان شيت أرناق" السابق لايهم أن يملك عنواناً واضحاً  فلأنه يبيع بضاعة كمالية , أم شيتات أرناق الثقافة اليوم  فهم  أما بين توظيف سياسي أو غباء إجتماعي, "شيت أرناق الماضي كان أعظم نفعاً رغم بساطة ما يبيع ووعورة طريقة يسلكه لكن الابواب تُفتح له ببراءة الزمن وحسن نوايا أهله. بينما شيت أرناق اليوم يتسلل الى البيوت ليس ليبيع وانما في الاغلب ليهدم  ولا أعمم , حتى يبقى الامل في الإصلاح طريقاً مفتوحاً.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق