الأحد، 30 يوليو 2023

أزمة صحافة أم مجتمع بلا إتجاهات؟

يبد واضحاًأن أزمة الثقافة في قطر لها خصوصية غير تلك المتعلقة بتراجع قراءة الصحف الورقية بشكل عام على مستوى العالم او على الاقل على مستوى المنطقةبعد اجتياح وسائل الاتصال الاجتماعي الزمان واحتلال المكان. فالأزمة كما يبدو هيكلية أو بنيوية وليست مقصورة فقط على المستوى اللوجستي الظاهربل هي اعمق من ذلك. الآن تعاني صحافتنا من ثلاثة أمور .الأول العنصر البشري المواطن .ثانياً القارىء النوعي .ثالثاً مجتمع خال من الاتجاهات وعلى قدر من التسطيح فيما يتعلق بها. فيما يتعلق بالأمر الأول ندرة العنصر المواطن يمكن التعامل معه على المدى البعيد بالاستعانه كما قائم بالعنصر العربي الاكثر خبرة في هذا المجال وجرى التوجه على الاعتماد على خريجي قسم الاعلام في الجامعة للالتحاق بالصحف وهذا في اعتقادي ليس حلاً, حيث الصحافة رغبة وموهبة بالدرجة الاولى في حين ان معظم من يلتحق بقسم الاعلام في الجامعة هدفه التخرج وامتلاك الشهاده والبحث عن وظيفة في معظمها بعيداً عن الصحافة حيث اشتهر تخصص الاعلام بسهولته عن غيره من التخصصات , في حين أن معضلة منصب رئيس التحرير تبدو انها محكمة بعملية التدوير وحيث ان معظم رؤساء التحرير يأتون من خلفية ثقافية واحدة أما رياضية او وظيفية " موظفي حكومة سابقين" نجد ميزة كل رئيس عن اخر تأتي في قدرة علاقاته الاتصاليه بالمجتمع وليس على قدر ما يحمله من اتجاه فكري او ثقافي. أما ما يتعلق بالعنصر الثاني: القراءة فدعونا نفرق بين القارىء بشكل عام وقارىء الصحف بشكل خاص , بالنسبة للقارىء العام أوجدنا معارض للكتب سنوية , إلا أننا لاحظنا أن ظاهرة تأليف الكتب فاق وزاد على مستوى القراءة ورأينا حفلات توقيع الكتب طغى في حين أن دور النشر تشكو قلة المرتادين , لست ضد ذلك لكن لم يلمس المجتمع قيمة مضافة لتأليف كل هذا الكم من الكتب , لاأستزيد هنايبقى قارىء الصحف وهو قارىء نوعي لاتستطيع ان توجد محللين ومناقشين دون وجود لأعمدة رأي وتحليل وزوايا نقاش في الصحف اذا لم تحقق الصحيفة قارئاً نوعياً لها فهي صحيفة حائط لاأكثر . يبقى الأمر الثالث والمهم وهو: مجتمع بلا اتجاهات وهذا سبب كبير في تخلف الصحافة وندرة الصحفين وعزوف الناس عن القراءه كنا في الثمانينات والتسعينيات نشهد حراكاً صحفياً واضحاً ونقاشات ومقالات وردود واختلافات في الطرح كل ذلك اختفى اليوم وخلا المجتمع من الاتجاهات فالقضية قضية معنى لاقضية مبنى, اليوم هناك من يفكر بإعادة اصدار بعض الصحف التي اقفلت ورقياً ومنها جريدة الحياة اللندية وغيرها مجتمعاتنا تحتاج الى الصحافة الورقية , لاتزال تحتاج الى إثراء واقعها بتعدد الاتجاهات واختلاف الأراء , لعل المجتمعات الاخرى تعدت هذا المرحلة واصبحت الاتجاهات فيه افقية يمارسها المجتمع بالسليقة لكن في مجتمعاتنا لايزال الامر غير ذلك البته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق