الثلاثاء، 25 فبراير 2025

حوادث السيارات ... بين القضاء والقدر

 نغفل عنه وهو أكثر الحاضرين تواجداً, حضوره بيننا أكبر من احساسنا بالحياة . وحده الأمل يستر عنا هذه الحقيقة , يخفيها وهى اليقين الأوحد بين البشر لكي تستمر الحياة ويعمل الانسان ويكد ويستبشر بالأفضل دائما كما طلب منه, وإلا فإنه يعيش بين ظهرانينا, يملأ الفراغات التى بيننا, يرانا ولا نراه, نحسبه بعيداً وهو أقرب إلينا من أنفاسنا التى تخرج من صدورنا. ننساه لكنه لا ينسانا فنحن في ذاكرته وعلى جدوله , لا يتخلف عن موعد قد ضرب له, يرقب أمنياتنا ليقتنص الأكبر وربما الأسمن منها , يأتينا على حين غرة يصرع الأمل ويفتك بالأماني, لا يكترث لوهج الشمس فى النهار ولا يقيم حساباً لعتمة الليل وظلامه حين تحين ساعته, لا يشفق على كبير ولا ينتظر صغيراً ولا ترف عينه لمريض, الجميع على جدوله سواء فهو فى طبيعته أمر يجب تنفيذه لحكمة عليا, هو خلق من خلق الله كالحياة ذاتها ، قال تعالى : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " لايبدو عدماً اطلاقاً إلا لمن لم يدرك كنه هذه الحياة الزائلة ذاتها, هو امتداد لها بشكل آخر كما كانت هذه الحياة الجسدية امتداداً لما قبلها من حياة داخل الأرحام , السكن فى الجسد الى أجل مسمى له حكمة إلهية ووظيفة معينة محددة ذكرها الله فى جميع كتبه, لذلك فألم الموت الذى يحدثه للاخرين الذين لم يحن دورهم بعد هو فى حرقة الفراق والاحساس به وفجائية الذهاب وقطع لذة الاتصال مع من نحب ولله فى ذلك حكمه ومراد يستشفه من سمت روحه واعتلى فوق مرام الجسد واستيقن الموت والحياة كفكرتين قبل أن ينغمس فيهما او يعايشهما عيانا. لايخلو بيت من زيارته ولاتخلو دار أو وطن إلا وله فيها مرتع طال  الزمن أم قصر !    

نعم الله كثيرة على الانسان منها منها وسائل الاتصال والمواصلات وفي مقدمتها  السيارة   , ما يحزن أن تكون هذه الوسيلة التي صنعت أساساً لتوفير عناء السفر والانتقال أحد أكثر مسببات الوفاة في أيامنا هذه , كثيرون الذي فقدناهم من شبابنا  نتيجة حوادث السيارات بسبب السرعة وعدم التركيز واستخدام الهاتف أثناء السياقة ,نسمع اسبوعياً تقريباً  عن حادث أو أكثر أودى بحياة شاب أو أكثر, وقد أصابني هذا المصاب شخصياً حيث تسبب حادث في وفاة إبني قبل نحو ست سنوات مضت واحسست  بمرارة الفقد  وكم تمنيت أن لا يتعرض لهذا الموقف أي إنسان, حينما يكون الفقد دونما إنذار سابق كمرض عضال أو كبر في السن , حينما ينزل فجأة على قلب الانسان يغير في نظرته للحياة ويكشف له  كم هي الحياة خادعة وأن كل زينتها لاتعدو أن تُصبح "صعيداً جرزا". في لحظة من اللحظات لن نستطيع أن نمنع الحوادث من النزول بنا , لكن الانسان بإستطاعة أن أن يقضي في القدر وإن كان لايستطيع أن يمنع وقوعه. رحم الله أمواتنا  وأرواح شبابنا الذين فقدناهم , وألهمنا الرشد في تعاملنا مع كل ما أستجد في حياتنا من وسائل وفرها العلم والتكنولوجيا لراحتنا " بل الانسان على نفسه بصيرة" والهمنا  جميعاً الصبر والسلوان في دنيا من طبيعتها التبدل والزوال  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق