الأحد، 4 ديسمبر 2011

التاريخ بين حَمله وبين تجاوزه




هناك إنسان مسير ليحمل التاريخ على ظهره,منذ ولادته, وهناك إنسان  مخيرا بين أن يعيش التاريخ  فى يومه أو أن يتجاوزه لغده.  أن تكون مسيرا لأن تحمل تاريخ أمتك دون أن تتجاوزه يعنى أنك أصبحت عبدا له,  فى حين أنك حينما تتجاوزه  بعد أن تعيشه يعنى أنه أصبح رهن طاعتك واشارتك. الفرق بين الانسان العربى والانسان الغربى فرق تاريخى, بين من يحمل تاريخه كما هو  غثه وسمينه وبين من عايشه ويتجاوزه فى كل لحظة قادمه. من الظلم أن يولد أطفالنا  ليحملوا تارخا  عمره يقارب الالفين سنه, من الظلم أن يظلمهم التاريخ قبل أن يعايشوه, من السذاجه أن  يظل ديدنهم  على حساب حاضرهم ومستقبلهم. ماهو التاريخ أصلا؟ إنه مجموع الروايات التى تصل الينا من الماضى, وهناك طريقان لذلك الروايه الشفاهيه والمخطوطات او الكتب  التاريخيه التى تسجل  الحوادث وكلا الطريقتان  لايمكن فصلهما عن  ميول الراوى او الكاتب او ميول مصادره  فالاجدر  أن يُحمل  الامرعلى ذلك ,   , لو جلست الى أى عربى  تحادثه لوجدته مفتونا بالتاريخ  يعيش به  ومن أجله  والتاريخ فى الذهنيه العربيه هو الماضى  فى حين ان الماضى جزء من التاريخ فقط لأن الحاضر تاريخ يُكتب والمستقبل كذلك تاريخ سيكتب, تجاوز التاريخ بكتابته  حاضرا ومستقبلا هى الطريق لاستيعابه , الذهنيه  العربيه عليها الانتقال من  التاريخ  الى   صياغته وكتابته وادوات المرحلتين مختلفه , فالعيش فى التاريخ والاستغراق فيه   وتذكره والفخر به يستدعى ملكات الانسان الذهنيه بشكل رجعى  بينما تجاوزه يستدعى التفكير بشكل أمامى  وفتوح الافق  , الفعل الاول تكرارى والفعل الثانى ابداعى, تجاوز الغرب تاريخه فأبدع , تجاوز الحروب المدنيه فأنتج مدنية الدوله, تجاوز تاريخ الاستبداد فأنتج الديمقراطيه , تجاوز  العبوديه فأنتج  الحريه الفرديه المسؤوله , تجاوز الشموليه فأنتج الفصل بين السلطات, هذا هو التاريخ المتجاوز لذاته وعدم تكراره . الشبكه التاريخيه وخيوطها العنكبوتيه تحيط بالعربى من كل جهه وصوب, تاريخ العائله  وتاريخ القبيله وتاريخ الوطن وتاريخ الامه , شبكه من التاريخ , يعايشها العربى باستذكارها وتحفيظها لأبنائه واحفاده و عملية الحفظ والتلقين والمشافهه , هى من تجعل من التاريخ حملا ثقيلا, لابد من كتابته ليمكن تجاوزه , الاشكاليه عندما كتبناه جعلناه فوق امكانيه التجاوز  كتبناه كنهايه وليس كبدايه او مقدمه  لاستكماله واستمراره, كتبناه بتنقيته من الاخطاء  فاصبح فوق التجاوز, سطرناه  بطهارة الملائكه فلم يعد قادرا ان يستكين أو أن يعاش على ارض  البشر. لم نقرأه  جيدا  وانما حملناه  والتاريخ لايُحمل وإنما يقرأ فشاخت بذلك الاجيال دون ان تجعل منه مستقبلا وإكتفت بحمله تارة وترديده تارة أخرى عندما تؤاتيها فرصه لإلتقاط أنفاسها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق