الاثنين، 19 ديسمبر 2011

عام المواجهه مع الذات



لم تواجه الأمه العربيه ذاتها على مر زمانها بشكل يجعل من الداخل وتناقضاته  محور المقايضه  ومفصل التغيير كما تم خلال هذا العام الذاهب الابضعة أيام منه متبقيه. كانت المواجهه مع الاخر  قطب الاهتمام وبؤرة تركيز الانتباه  طوال التاريخ الماضى., الخارج المستعمر, الخارج الكافر, الخارج المتفسخ أخلاقيا. شعار الخارج كان كبيرا بحيث استوعب كل نقيصه وشاذه. شد هذا الشعار  الامه بألوانها المختلفه وعزفت عليه الانظمه  وكلما يخطر الى الذهن الداخل  المتلاشى رويدا  حتى  تقفز صورة الخارج كخطر على الوجود أوهكذا كان يُصور, فتتناول الامه مضادات الاكتئاب ومزيلات الامل حتى حين. مع نهاية هذا العام الاستثنائى ثمة ملاحظات أود لو أسردها:
أولا: إنتقل العام العربى هذا العام كما قلت من الجدل مع الاخر الخارجى الى الجدل الداخلى مع الذات, مع أنظمته  واشكال الحكم السائد, ومراجعة اليقينيات الكاذبه  التى أزمنت  بأسم متعدده منها التاريخى ومنها الدينى  والاجتماعى.

ثانيا: زوال قشرة الديمقراطيه الهشه التى زينت الانظمه المتهالكه صورتها برسمها  من أحزاب صوريه وأشكال سياسيه  تابعه لشريان الانظمه كالحزب الحاكم أو حزب الرئيس أو قبيلته أو الجيش الحامى للوطن وفى حقيقته حرس جمهوري  للرئيس وقوات خاصه.
ثالثا:  ظهور القاع السيسيولوجى للمجتمع العربى وإنتصاره بشكل واضح وهو قاع دينى  لم  تُخفه ولم تغيره  طول التقلبات الايديولوجيه الكاذبه على مر السنين من اليمين الى اليسار , حيث السياسه كممارسه لم تتجذر فى المجتمع فلم تكن سوى صور دينيه لمسميات سياسيه سقطت  وبقيت الصور الدينيه السلفية منها والاخوانيه وغيرهما.

رابعا: يبدو أن الشعوب فى طريقها من الانتقال من وصاية الانظمه  الى وصاية الجيش ورقابته على خياراتها  وهى مرحله  مرت وتمر بها بلدان عده كالباكستان وتركيا  ولو لم يكن بنفس الوتيره والنسبه وهى مرحله أشبه بالجدل السلبى الذى لايتعدى صراع الفكره ونقيضها الى  فكره أ و محتوى ثالث.
خامسا: عودة التفكيرفى الديمقراطيه النخبويه كحل  أمام مجتمعات قد يكرس صندوق الانتخابات  إنشقاقاتها  وفئويتها وقاعها السيسيولوجى  الأولى. وذلك عن طريق إقتراج مجالس اشتشاريه  أو مبادىء فوق دستوريه,  .

سادسا: يبدو النموذج الوراثى فى الممالك العربيه منتصرا الى حد ما على النموذج الجمهورى الثورى الذى ينتحر فى أرجائه ومساحاته, وهذا نموذج مضلل فى الحقيقه  لأن الأصل فى حرية الشعوب وإرادتها وخياراتها , فاذا كان هناك أفضلية له فهى أفضليه نسبيه أو   من قبيل أحلاهما مر وهو مرهون فقط بتجاوز  الامه لهذا المرحله حيث قطار التغيير لابد وأن يمر بمحطاته حتى النهايه  ولو بعد حين.

سابعا: اذا لم تنتقل الامه خلال المرحله القادمه الى ديمقراطيه حقيقيه تحكمها برامج حزبيه مدنيه وأكتفت ببرامج من قبيل "الاسلام هو الحل" والحاكميه لله قد تتحول المنطقه برمتها الى تصادم دينى اسلامى بينى مع الجوار الشيعى المتأهب  وبالتالى  يطول الجدل الداخلى ويتعمق  أكثر وأكثر. الانتقال الى المرحله السياسيه هام جدا هنا بعدا عن المرحله الدينيه السياسيه بهذه فقط يمكن مواجهة الاخطار المحيطه  لايتقابل الدين مع الدين ولا الدين مع مكوناته وذاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق