الثلاثاء، 11 مارس 2014

طبيعة الخلاف العربي- العربي"منظور خلدوني"




لايمكن التوقف عند الحديث عن الخلافات العربيه- العربيه على اسبابها الظاهره , لأن هذه الاسباب ذات طبيعه بنيويه عميقه تصل الى تخوم تأسيس الدوله العربيه وطبيعة هذا التأسيس, ولنا هنا بعض الملاحظات:
أولا: الدوله العربيه دوله "عظاميه" في تشبيه لها بالانسان العظامي مقارنة بالانسان "العصامي", بمعنى أنها تفترض احقيه تاريخيه مطلقه اطلاقا من رؤية الزعيم الذي يفكر بالنيابه عن شعبه , لذلك راينا ان الخلاف بين الملك فيصل والرئيس عبد الناصر أصبح خلافا بين السعوديه ومصر, والخلاف بين صدام والاسد صار خلافا بين العراق وسوريا...الخ .

ثانيا: عظاميه الدوله الجمهوريه جاءت من المرجعيه الثوريه , بينما عظامية الدوله القبليه جاءت من المرجعيه النفطيه , ففكرة الثوره أسست بناء عظامى اسمه مجلس الثوره لايخرج عنه الحكم الا نادرا بل يمثل مرجعيه عند الخطوب ,كما في الجزائر, وإمتلاك النفط اسس لبناء عظامى عائلي يتناسل.
ثالثا:الدوله العصاميه تمر بالتاريخ وتفاصيل وتسدد ضرائبه , بينما الدوله العظاميه تتعالى عليه وعلى تفاصيله عند الخلاف, لذلك ترى الخلاف الغربي – الغربي ليس خلافا على الوجود بقدر ماهو خلاف على التفاصيل , بينما الخلاف بين دولنا العظاميه خلاف يصل الى مرحلة الوجود.
رابعا: الدوله العظاميه دوله دينيه سواء كدين أو كأيديولوجيه سياسيه لانها تحتاجه لاستمرارها, بينما الدوله العصاميه تقوم على السياسه والحوار.

خامسا: معظم محاولات الشعوب العربيه للإنتقال للدوله العصاميه ,التوافقيه المعتمده على بنيه مشتركه توافقيه ,تسرق لتتحول الى دوله عظاميه ذات وصيه تاريخيه او دينيه, والربيع العربي دليلا واضحا على ذلك .
سادسا:مجتمع الدوله العظاميه, مجتمع عاطفي أكثر منه عقلاني , ينهار عندما يموت الزعيم, وفاة عبدالناصر شهدت اكبر جنازه في التاريخ , وبعد عام جرت عملية تصفيه شامله لتراثه, موت زعيم كوريا الشماليه مؤخرا بكت الناس في الشوارع بكاء لم اشهد مثله في التاريخ.

سابعا: وسائل الاعلام في الدوله العظاميه وكلاء دفاع وشهود لم يشاهدوا حاجه, وأشهر مثال , البرافدا الروسيه وتشرين السوريه وصحف معظم دول الخليج العربيه, والمجتمع وكيل معتمد للدفاع وهو آخر من يعلم , بينما في الدوله العصاميه وسائل الاعلام تكشف الخلل وتحاور وتبحث عن الاسباب بموضوعيه , فالدوله العظاميه لاتُحاسب من قبل مجتمعها, بينما الدوله العصاميه عرضه للحساب والاحلال والتغيير.
ثامنا:ليس من حق المجتمع في الدوله العظاميه أن يسأل عن التفاصيل , بل يدافع عن النتائج , شعوب دول الخليج مثلا لاتعرف تفاصيل الخلاف بالضبط بين الانظمه, لايستطيع اي مواطن سعودي مثلا ان يثبت ان قطر تتدخل في الشئون السعوديه سوى ما يسرب عمدا اوسرا من تفاصيل أو يختلق اختلاقا.ولايمتلك اي مواطن قطرى أو اماراتي دليلا واضحا لطبيعة الخلاف بين بلديهما سوى خطبة القرضاوي وهذه يمكن تجاوزها بشكل أو بآخر
تاسعا: الخلاف في الدوله العصاميه "التى مرت بتجربه تاريخيه أوجدت دوله مواطنه " ليس موضوع غزو يفاجىء الجميع ليلا أو يستيقظ المواطن على وقع دبابات في شوارع بلده وهو ذاهب لممارسة عمله كما وقع في الكويت وفي ربيع براغ في الستينيات. فالخلاف موضوع يطرح على طاولة البرلمانات ويبحث كثيرا حتى يفتقد عنصر المفاجأه التى تسبق الكارثه و لذلك قيل أن الديمقراطيات لاتتحارب.
عاشرا:الخلاف العربي- العربي سيظل افرازا لطبيعة الدوله العربيه الخلافيه التى تناكف تيار العصر بمرجعياتها العظاميه , الثورية منها أو الوراثيه النفطيه, لذلك يلجأ المجتمع ويحتفي بالظاهره الصوتيه لسد الفراغ البنيوي المفقود , لذلك فإنتصار محاور على آخر صوتيا يعد انتصارا للدوله وكأنها مباراة في كرة القدم , فالمجتمع في حالة تشجيع دائم من على المدرجات والنصر والهزيمه لايعلمها الا الله والكره أجوال كما كان يقول الكابتن "لطيف" رحمه الله. بينما عظام المؤسسين تحكم من تحت ظلمات القبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق