السبت، 24 أكتوبر 2015

المواطن كقيمه , والمواطن كسلعه


يهمني جدا أن يعي المواطنين أننا اليوم نمر بمرحلة مجتمع الاستهلاك , بعد أن عاش اباؤنا واجدادنا مرحلة الانتاج , لذلك كل ما تركوه لنا من نشاط كان تراثا محملا بقيم الانتاج , ومرتبط ارتباطا وثيقا بتلك المرحله , مرحلة الانتاج , لذلك هناك ارتباط وثيق بين العمل والقيَم , أوبين العمل وقيمه . أيا كان طبيعة هذا العمل أو النشاط , اليوم في مجتمع الاستهلاك فُصلت القيمه عن العمل أو النشاط , فحينما نمارسه , نمارسه كنشاط أو عمل وليس كقيمه . ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أذكرها:
أولا:مجتمع الانتاج , مجتمع خيال واسع وابتكار دائم فجميع نشاطاته وفنونه , نشاطات وفنون تحمل قيَم فتعلى من الانتاج كقيمه , بينما مجتمع الاستهلاك,تنفصل القيمه عن العمل , فتصبح القيمه مجرد ترفيه أو قيمة ترفيهيه ,تزيد من حدة الاستهلاك بمعزل عن الانتاج .
ثانيا : يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في التكالب المستمر على الطلب على بعض السيارات في هذه الفتره من هذا العام للحصول على موديلات العام القادم قبل أن يبدأ بثلاثة شهور , بما في ذلك ارجاع موديلات العام الحالي الذي لم ينقضي بعد جريا وراء غريزة الاستهلاك, بينما كانت القيمه الانتاجيه في السابق هي القيمه الحاكمه حيث تستخدم السياره بعيدا عن حمى الموديلات والتسويق طالما هي قادرة على تحمل قيمة الانتاج التي يضطلع بها المجتمع في ذلك الوقت.
ثالثا: نشاطات التراث التي تزدهر في هذا الوقت من كل عام , القلايل, سنيار , الحَبال , الهدد وغيرها. أيضا تدخل ضمن نشاط مجتمع الاستهلاك وأصبحت كذلك قيم استهلاكيه بينما هي في الاصل قيم ذات بُعد إنتاجي في المجتمع في عقود الاباء والاجداد, وارتباطها بالجوائز الكبيره دليلا على انتقالها الى هذا الحيز الاستهلاكي.
رابعا: مجتمع ماقبل "الريع" مجتمع انتاجي , بينما مجتمع الريع الذي نعايشه مجتمع استهلاكي.
خامسا: مجتمع الريع يقوم على مايسمى بالفرصه التاريخيه التي أمكن للمجتمع اقتناصها أو تضييعها, بحيث يجعل من قيم الريع قيم انتاجيه أم قيم استهلاكيه, فكلما إتسعت دائرة عدالة التوزيع كلما مال المجتمع الى قيم الانتاج على حساب قيم الاستهلاك.والعكس صحيح.
سادسا: الخطوره حينما يصبح المجتمع كله خارج قيم الانتاج ويصبح فقط قيمة استهلاكيه لاأكثر, كما نرى بوضوح .
سابعا: الاخطر من ذلك عندما يفقد حتى القدره في التحكم في قيم الالاستهلاك وينعدم تأثيره بشكل كبير في ذلك , ويتحول الى أقليه غير مؤثره انتاجيا واستهلاكيا كذلك.
ثامنا: إدراك خطورة عدم تأثير المجتمع أو مجتمع المواطنين في خيارات الانتاج والاستهلاك يضع المجتمع بين قوسين أو فائض عن الاستهلاك ناهيك عن الانتاج فيصعب بالتالي صياغة بنيه فوقيه جماليه اخلاقيه ثقافيه تحافظ على هويته وكيان وجوده.
تاسعا: لذلك نحن سائرون في منحدر استهلاكي خطير مالم نعيد ارتباط العمل بالقيمه والدين بالاخلاق كذلك فمن لاينتج يقلل ذلك من ايمانه وإن إعتكف في المسجد وطال إعتكافه., ولايتأتي ذلك دونما انشاء طبقه عماليه مؤثره تتمتع بمستوى مادي جيد يجعلها تشعر بقيمة العمل والانتاج , هذه ضروره وان يتحاشى البعض طالما الريع يسد الحاجه , لكن بقاء المجتمع واستمراره مرهون بإنتاجه ومدى مساحة الطبقه العامله الفنية فيه , نحن مجتمع بلاطبقه عماليه تنتج وبطبقه كبيره بل كل مجتمع طبقه مستهلكه , هذا الامر سيضر على المستوى الطويل بملاك الريع ايضا لان العماله الاجنبيه في إطار التوطين عالميا وفي حالة تجنيسها هي اشد خطوره من العماله الوطنيه لراديكاليتها فهي بلا ثقل تاريخي يمكن لها أن تراعيه داخل مجتمع الانتاج .
عاشر: "أرأيت إن فقأت عينيك ووضعت بدلهما جوهرتان ثمينتان هل ترى؟ هي أشياء لاتشترى"أميل دنقل". بالضبط لايمكن أن تحل عينا العامل المستورد الزرقاويتان , عينا إبن البلد اللتان امتلأا بعجاج السنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق