السبت، 2 يناير 2016

إشكاليتنا بين ثقافة الانتاج واخلاق الاستحواذ



لايمكن ان نتكلم عن الانتاج وضرورة الاخذ به بينما نحن نمارس أخلاق الاستحواذ, لايمكن أن ندعوا الشباب للإنتاجيه وربط الحق بالواجب ونحن نكرس أخلاقيات الاستحواذ بشكل فج يراه حتى الاعمى ببصيرته. من يستحوذ يضفي عليه المجتمع صفة "الذئب" ويقال فلان "ذيب". المجتمع الاستحواذي يفتقد مجال الخيال الضروري للإبداع والانتاجيه, هو مجتمع مادي صرف , لذلك حتى نظرته للأمور نظرة احاديه , أما مع أو ضد لأن أخلاقيات الاستحواذ غير مرنة أما تأخذ أو تلعن, مجتمع الانتاج يحتاج يتطلب الشخصيه الحضريه التي ترى في المهنه هويه وفي الاخلاق تكيف مع البيئه المحيطه, مجتمع الانتاج ليس مجتمع غلبه وليس مجتمع خطابه ولفظ فضفاض لايمكن قياسه , أخلاق الاستحواذ وحدها من يمجد اللفظ على المعنى , أخلاق الاستحواذ وحدها من تعمل على الاستماع للمواعظ وتذرف الدمع خشوعا ظاهرا بينما تستبطن الجشع والخداع والتزوير من أجل مزيد من الاستحواذ. خطابنا خطاب إنتاجي لكن ممارساتنا ممارسات إستحواذيه , علينا أن نضرب المثل في الانتاجيه للمواطن حتى لايعيش التناقض بين القول والممارسه, ممارسات الاستحواذ في مجتمعنا الصغير تبدو كالشمس في الوضوح وفي السطوع , لم يعد هناك مجال يدعو ويشجع على الانتاجيه في نفسية المواطن , أفرح عندما أجد مشروعا للدوله وأبحث عنه كمن يبحث عن لؤلوة في قعر البحر , أفرح عندما أجد مكانا عاما واستبشر خيرا رغم ندرة ذلك , أفرح عندما أجد مساحة مهما كانت صغيره على شاطىء البحر نقضي فيها وقتا قصيرا , الدوله هي الانتاجيه ومساحتها وسلطانها هو الدافع الى ذلك , كلما تقلص وجودها لحساب وجود القله أصبحت أخلاقيات الاستحواذ هي السائده , وعلى ذلك تترتب معايير أخلاقيه سلبيه , إذا كنا نريدأن نغرس ثقافة الانتاج في المجتمع فعلينا أولا أن نحرره من الخوف من الاستحواذ الذي يهدد مستقبله ومستقبل أبنائه, وأن نعيد برمجة قياس المواطن على اساس آخر يتفق ومساهمته في الاداء العام وليس في إقتناص الفرصه الخاصه الاستحواذيه بسبب منصب أو قرابه أو محاباة. ثقافة الانتاج تحتاج مجتمع لديه قدرة على الخيال والابداع كما ذكرت , وكيف يمكنه الاتيان بذلك والارض تتحرك تحت قدمه , وتكاد أن تنسحب من أمام قدمه مالم يستحوذ على شىء بشكل أو بآخر. لايمكن إصلاح الاخلاق بالمواعظ فقط , فالأخلاق تتطلب ظروف إجتماعيه مؤاتيه لكي تترسخ , فهي بنية فوقيه لظروف معيشيه , لذلك يتطلب الأمر وضعا إنتاجيا إجتماعيا ملائما حتى تصبح الدعوة الى الانتاجيه في إطارها الصحيح ولاتخلق تناقضا بين القول والممارسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق