السبت، 17 يونيو 2017

ميتافيزيقيا الأزمة




 حتى ندرك  عمق الاشكالية التي نمر بها اليوم  وهي إشكالية ثقافية  بالدرجة الأولى  حيث يجرى مقاربتها إعلاميا من منطلق الخير المطلق والشر مطلق   فكل فريق يعتقد أنه خير مطلق  والاخر شر مطلق  وهنا يحتبس  الحل  السياسي الواقعي , والحقيقة أن تاريخنا  منذ البدء قام على إعتبار الاخر شر مطلق  وعلى إعتبارأنه خير مطلق,  لو تلاحظ أن الحقيقة ليست مطروحه اساسا كموضوع  للبحث بقدر ماهي  موضوع للملكية  لدى الجانبين , تاريخنا أوجد هذه الميتافيزيقا وقامت الدول عليها , ينطلق التراشق الإعلامي بين دول الحصار وبين قطر  من أرضية كما أشرت دينية وليس سياسية, لذلك هو يستعصي على الحل  لإرتباط الإعلامي  أو مثقف الموقف الآني بعقيدة  يدافع عنها  وهي ما توفره له بلده وحكومته  من معلومات ,وما يجب عليه أن يقوله وما يجب عليه أن لايتطرق إليه   لذلك ينطلق كل فريق  من إعتقاد أنه خير مطلق وإن الآخر شر مطلق , الفرق في معالجة إعلامنا وأعني به الطرفين  وبين إعلام  الدول المتقدمة  في الأزمة هو أنهم ينطلقون  من قناعات  شخصية أولا مبنية على  معلومات وحرية بحثا عن حقائق ,بينما ينطلق إعلامنا  وإعلامينا من الطرفين  من حقائق أصلا  , أقرأ هجوما يوميا  على قطر في صحف السعوديه  والامارات والبحرين ودفاعا مستميتا  من قطر صدقوني  أنني اصبحت أعرف ماذا سيكتب غدا  الى درجة انني اصبحت أعرف  بالتحديد اسلوب كل كاتب لو اخفيت إسمه, هذا التكرار يدل على ميتافيزيقية الأزمة , أو عقيدة الأزمة , وفي نفس الوقت عن غياب الحرية وغياب المثقف , هؤلاء مؤدون  يقومون بأدوار  وليس بينهم مثقف حرُ ينطلق من أولوية الحرية  , أن يقف المثقف مع بلده هذا واجب  لاننكره بشرط  أن لا يصبح خيرا كله والاخر المخالف شرا كله, ليس هناك من يتكلم بنسبية , هذا التكتل لاتجده الا في الدفاع عن العقائد لدى أصحابها ,بل أن البعض يقول أعطني أسم الضيف أو المحلل أخبرك ماذا سيقول,حينما تدفع الدولة بزعماء القبائل دفعا  ليقفوا  مع "الخير" التي تمثله ضد "الشر" الذي تمثله قطر ,تماما كإجباركفار قريش المسلمين على نقض الشهادتين  على اعتبار انها مروق وكفر وخروج على العقيدة, أنا أعتقد أن الحل إن كان هناك حلا قريبا سيأتي على شكل نور يقذفه الله في قلب العقلاء من القادة في ليلة القدر من هذه الليالي المباركة,فيبصروا الطريق , أو سيأتي على شكل   أمر  تقذفه الارادة الامريكية على طاولة القرار فيلتزم به الجميع .مجتمعاتنا بلا وسائل كافية لحل مشاكلها لذلك تصبح عقائد  وفتن فنحتاج بالتالي  ليس إلى السياسة  التي من أدواتها الاعلام الحر وإنما نحتاج أكثر الى العرفان وإنتظار ليلة القدر أو تدخل من يرى أننا لسنا سوى مصالح وأرقام  وهضاب من حقول النفط وأنابيب الغاز         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق