الجمعة، 16 يونيو 2017

"ميثاق النسيان" أو الطوفان


اتدرون اين تكمن الماساة ياسادة؟ أتدرون ماذا يفعل أشقاءنا في السعودية والامارات والبحرين, اتدرون اي نوع من الجريمة يرتكبون بحق المستقبل والاجيال القادمة؟ القضية ليست إغلاق الحدود أو المجال الجوي  أو المياة الاقليمية؟ المشكلة ليست مقاطعة الطيران القطري  وقطع العلاقات الدبلوماسية. القضية اكبر من ذلك كله , القضية تتمثل في صياغة "ذاكرة الكراهية" ووضع شروطها التاريخية لإقامة مجتمع الكراهية مستقبلا, من يتابع الحملات الاعلامية والتلفيقات  الصحفية في التلفزيون  أو في وسائل الاتصال الاجتماعي يدرك بلاشك  وقوع الاخوة في السعودية والامارات والبحرين في خطيئة كبرى وهي كما قلت صياغة  مشروع الكراهية  لأبناء المنطقة , ويبدو أن فشل الحصار  قد أثر على النفوس  فآثرت أن تنتقم  من الشعوب  بإذكاء روح الكراهية بينهم  والتضحية بالاجيال وبالمستقبل  في سبيل عدم الاعتراف والمكابرة.لانعي التاريخ ولانستفيد من احداثة , بالأمس القريب , اسبانيا الديمقراطية اليوم, أتعرفون كيف تجاوزت  حروبها الأهلية التي استمرت طويلا  منذ اواخر الثلاثينيات حتى عام 75؟أتعرفون كيف أنقذت أجيالنا من ذاكرة الحرب والدمار والانتقام؟ لقد توافق أهل العقل  والادراك فيها  في عام 77على صياغة مايسمى "ميثاق النسيان" عززته قوانين إعفاء للعديد من مسببي الكراهية ومرتكبي العنف , نعم حصل هروب جماعي من ذاكرة العداء والحرب  من أجل المستقبل واجيال المستقبل , وتاسيس ذاكرة جماعية جديدة, حتى عام 2007 حيث سمح بكتابة الروايات  وسمح للافراد والعائلات  بإمتلاك ذاكرة فردية خاصة عن حرب الكراهية التي قُضي فيها على نحو مليون إنسان. بعد أن إستقر المجتمع وجرت عملية دمقرطة له  فصل بواسطتها بين الماضي والحاضر  وبين التاريخ كأرشيف  والتاريخ كتعايش. هذه إحدى تجارب التاريخ للقضاء على الكراهية , أخواننا اليوم في السعودية والامارات والبحرين  يعملون جاهدين في زرع بذور الكراهية  بين شعوبهم والشعب القطري  دونما إدراك لذلك و حسنا فعلت قطر بإستصدار بيان بعدم  الرد على الكراهية  بكراهية مماثلة والارتفاع  بمستوى الشعوب  عن تكوين ذاكرة سلبية  فيما بينها وحتى التجاوزات القليلة التي حدثت جرى  تصحيحها .اليوم الشعب الخليجي يشعر بحالة من "النوستالجيا"  "الحنين"لأباءه من المؤسسين لمجلس التعاون أولئك الذين زرعوا التعاون  والحب , اليوم يشعر المواطن بعد كل هذه الاحداث بأنه مجرد   "عابر السبيل" يرى التفكك بعينه ويسمع عبارات التفرق والتشتت بإذنيه, نحن كشعوب لانملك مكان آخر غير  أرضنا , نحن الشعوب لانملك أرصدة  خارج نطاق بلداننا و نحن كشعوب لانملك ذاكرة أخرى تتسع للكراهية والحقد  ف لاتزرعوا بإعلامكم  الكراهية بين شعوبنا وقبائلنا وعائلاتنا , أتركوا لأجيالنا   ذاكرة الخليج الواحد , ذاكرة المصير المشترك  , يكفيكم أنكم تستنزفون خيرات الشعوب المادية  فلاتأتوا على ذاكرتها  حتى لاتصبح أجيالكم أول من يدفع ذلك , نصيحة للمسؤولين أولا في السعودية والامارات والبحرين , لن تستطيعون عزل الشعب القطري , وشعوبكم متعاطفة معه  حتى بعد قوانينكم الجائرة بحق  الانسان  وحقه في إبداء مشاعره وعواطفه , الذي سيسجلها التاريخ بتواشيح من السواد عليكم, سيذهب الحصار وستبقى ذاكرته , من الأفضل  لأجيالكم  أن  يرحل الخلاف برحيل أسبابه ومسببيه ذاكرته  ,لذلك يبدو  الحل  فيما أعتقد  في الشروع بإيجاد "ميثاق نسيان" بعد هذة الأزمة يعبر بالمنطقة وشعوبها من بؤس الذاكرة التي تعيشه  بفعل  شبق البقاء في السلطة والتضحية بالشعوب لو لزم الأمرمن أجله. 

هناك تعليق واحد:

  1. استاذي العزيز
    انا من متابعينك من مدة ليست بالقصيرة وكنت متردد بالاتصال المباشر بك وبالحديث معك
    سؤالئ لك هو : إلى متى ؟ ثم ... ماذا بعد؟

    ردحذف