السبت، 3 يونيو 2017

فتوى الفوزان ... تجديد أم تجميد؟

"لايجوز الخوض في هذه الأمور لانها توغر الصدور وتزيد من الفرقة بين المسلمين, وهذه الأشياء تترك للحكام والساسة. أنت مالك دخل و صُم وصَل وأقرأ القران ولاتضيع رمضان" هذه فتوى العلامة صالح الفوزان , في الأزمة الخليجية الراهنه.
لدي بعض الملاحظات على مثل هذه الفتوى التي أعتقد أنها  مشكلة وليست حل ,  وفرز يجعل التاريخ يعيد تكرار نفسه  .
أولا:هل ترك الخوض في هذه الأمور  وهو يقصد من قبل الشعب يقلل من منسوب الفرقة بين المسلمين؟التاريخ لايقول بذلك , فعزلة   شعوب المنطقة عن تقرير مصيرها  لم يوصل الى ذلك , ولو أخذنا إنشاء مجلس التعاون كنقطة بداية لتطبيق  مثل هذه الافتراض نجد أن مشاكلة تزداد عاما بعد آخر دون ذنب للشعوب في ذلك  بل أن أصبحت مشاكله كمجلس أعلى يضم القادة إنعكست سلبا على الافراد والشعوب دون ذنب منهم.
ثانيا: يقول الفوزان  في فتواه أيضا يجب ترك ذلك للحكام والساسة, وهنا يجب أن نميز , حكامنا ليسوا ساسة بالمعني الحقيقي للكلمة لا على مستوى وصولهم للحكم ولاعلى مستوى إدارتهم له هذه حقيقة يجب الاعتراف بها.المجتمع السياسي القرار السياسي فيه معقد ويمر ُعبر آليات شعبيه  فبالتالي القرار فيه  أصلا ينبع من إرادة الشعب وما على السياسي إلا الالتزام بتنفيذه .ولغياب مثل التطور التاريخي  ظهر لدينا مايُسمى بالبطانة أو حاشية الحاكم  ونحن نرى ونشاهد بأعيننا تأثيرهم على مجريات الأمور سواء بين الدول أو في داخل كل دولة, ومثل هذه الفتوى تمثلُ دعما وإستمرار لمثل هذا النهج التاريخي.
ثالثا:ويقول العلامة الفوزان كذلك في فتواه" إنت مالك دخل "صُم وصَل وأقرأ القران ولاتفوت رمضان" هنا وضع فاصلا  حدد فيه مسؤولية المجتمع أو المواطن العادي التي يجب أن يلتزم بها,     وننسى أن الحكام أيضا عليهم أن يصوموا ويصلوا ويقرأوا القران وأن لايضيعوا رمضان.  بل يجب أن يكونوا أكثر تمثلا لمقاصد ذلك . "قضية مالك دخل"هذه خارج مقاصد الصوم والصلاة وقراءة القران.بل يجب أن تكون المعادلة طالما أنا أصوم وأصلي وأقرأ القرا ن في مجتمع متدين بالفطرة فأنا أكثر ترشحا  أن يكون لي "دَخل" في القرار  الذي سيحكم مصيري ومصير عائلتي ومستقبلهم , مع أن دولة المواطنة العصرية تجعل من جميع المواطنين على إختلاف أديانهم  وأعراقهم لهم "دخَل" في المشاركة فيما يتعلق بتقرير مصيرهم.
رابعا:تنطلق فتوى العلامة الفوزان من أرضية مخافة "الفتنة"وهي قضية حاكمة في تاريخنا  حتى أصبح تاريخنا   ليس سوى  دولة "الغلبة" وأجندتها  مخافة"الفتنة" ومجرد التفكير في الدخول في عالم السياسة يصبح فتنة ومن ثم تمتنع السياسة  كأجراءات واقعية  ويبقى سحر الفتنة ونارها محيط بالمجتمع فنحن نتقدم حتى نصل الى حدود الفتنة لنتراجع الى الخلف  حاملين  مشاكل تاريخنا منذ فجر التاريخ في هذه الحركة الارتداديه دونما حل .
خامسا:بودي لو كانت فتوى العلامة الفوزان  في الحث على انفتاح الحكام على شعوبهم وطرد الغريب المتنفذ في دوائر صنع القرار الذي لايريد خيرا لهذة المنطقة   والعودة الى اللحمة الخليجية الواحدة وإشراك الشعوب في تقرير مصيرها هذا هو إتجاه التاريخ .
سادسا: إلى متى سيظل هاجس الفتنة مسيطرا , لم يمنعنا ذلك من الوقوع المتكرر في الفتنة عاما بعد آخر, أنا اعتقد الأكثر أهمية من فتوى العلامة هو  بيان مجالس الشورى أو الأمة في المنطقة لو أنها فاعلة لتعيد التوازن للقرار السياسي المختطف   الذي جعل من دور الشعوب فقط أن تصوم وتصلي وتقرأ القران كأداء ميكانيكي  لايرتفع الى سقف المقاصد المرجوة منه والتي في مقدمتها  حقها في قول كلمتها وتقرير مصيرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق