الأحد، 21 أكتوبر 2018

"الخاشقجية"



 ترك جمال  خاشقجي خلفه "الخاشقجية" كظاهرة صحفية في منطقتنا الخليجية  بالذات , ظاهرة الصحفي الانسان المقاوم الذي  لايبرر  سبب وجوده سوى مقاومته للظلم والاستبداد , احتكر موته الاصلي لايمثله أحد غيره  وحوله الى مشهد  كارثي  لايستطيع ان يفلت معه اي ظالم او أي نظام  متلون  يتاجر بالانسان,

خاشقجي هو أول صحفي خليجي  وربما عربي يذهب  الى حتفه بقناعاته الشخصية مع توفر جميع امكانيات  الخروج الآمن الذي يحفظ له شهرته ومكانته , وربما هو الاخير في ذلك , يطرح ملامح الصحفي الاخير  في مجتمع يضج بالصحفيين  المنتمين الى تيار الحياة  بصفتها  وجهة نظر السلطة  والمستبد , موت خاشقجي بهذة الصورة التراجيدية  أنتج " خاشقجية" ربما هي المستقبل لابناء هذا المنطقة  للانتقال بالسلطة من العالم اللاهوتي الديني الى  العالم التاريخي الانساني , المثقف بصفة عامة في مجتمعاتنا مثقف ديني لاهوتي يرى في السلطة دين  وفي المستبد وثن , هذة القيامة" التي أقامها خاشقجي بموته هي انبثاق  للخاشقجية الثقافية التي  سوف تنقل  الثقافة لدينا من الحالة الدينية اللاهوتيه الى الحالة الوضعية البشرية الانسانية.فنحن امام  صور متعددة للمثقف الاخير في مجتمعاتنا  وفقاً لدرجة حضور الوعي وانماط هذا الوعي لكن "الخاشقجية" طرحت سلاح المقاومة بالنقد البناء وليس  بحمل السلاح او إثارة الفوضى , أدركت الخاشقجية ممثلة في الصحفي الراحل أن  مجتمعاتنا في أزمة  لايشعر بها فقط الفقير والمغبون بل حتى المثقف المقرب والصحفي البارز , مثل هذا الوعي يغيب عن كثير من المثقفين والصحفيين في مجتمعاتنا طالما هم في عيش رغيد مع الاستبداد  فهم لايشعرون بالمستقبلل وبالكاد يشعرون بالانسان كقيمة بغض النظر عن انماط وجودة , أحدث جمال خاشقجي قطعاً مع هذا النمط من الصحفي والمثقف المنعم الذي يعيش بذخاً لكن يعاني صراعاً مع ضميره  ويؤلمه ما يحدث في بلاده من هضم للحريات وتضييق على الرأي الحار , الخاشقجية هي عودة الى الاصل أصل الانسان الذي يشعر والمثقف العضوي , كلنا في مرحلة ما قبل الخاشقجية  طالما نعيش في تضاد مع ضمائرنا , طالما نسوغ الاستبداد . هذة القيامة  التي أحدثها موت جمال خاشقجي  ليست سوى معنى جديد للشهادة  ليس في معركة قتال  ولكن في معركة  حرية ضمير , هو طراز من المثقفين الواقفون على شفا حفرة بين حب الوطن وبين الاخلاص لقيادته  بنصحها  لابنفاقها والتزلف اليها ضد قناعاته . ذهب جمال خاشقجي لكن الخاشقجية باقية, لم يكن جمال معارضاً أو شتاماً أو مهرجاً , نادى من أعلى منبر متمدن  في الصحافة العالمية بأنه يخشى على وطنه من الاستبداد وبأن الاصلاح يمر من خلال الانسان  لامن فوق جثته, أعتقد أن القاتل قد خدم خاشقجي  حيث قتله جسداً لتحى "الخاشقجية " رمزاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق