الثلاثاء، 14 يناير 2020

الفقد وأصالة الوجود



في مثل هذا اليوم منذ سنة  فقدت إبني العزيز محمد, الآباء  يعتقدون أنهم سيرحلون قبل أبناءهم , لذلك كل جهدهم ينصب على ما يمكن تركهُ  أو توريثهُ لهم ,لكن رحيل الإبن قبل الأب  يترك سؤالاً عن حقيقة المستقبل  وأنه قد لايأتي , ويكشف نوراً الى القلب  يزيل كثافة الدنيا  عنه وعن ما حوله ,نحن نعيش الدنيا بين نوعين من الوجود , وجود اصيل ووجود زائف , وفاة محمد  بالنسبة لي دفعتني إلى نطاق الاصالة في الوجود بعد أن كنت أعيش على ضفاف الوجود الزائف الذي يراكم الايام  ويجمع الاعوام, فجائية الحدث وظروفه  ,  حدية الموقف الذي عايشته أزالت كثير من ضباب المواقف التي كنت أعيشها متسلحاً بأعذار التأجيل والاصطفاف بدلاً من  وضوح الرأي  والاتساق مع النفس ,أنا مؤمن بأن حدية المواقف هي التي تكشف عن أصالة الوجود , مواجهة الموت مباشرة أو بالوكالة  تجعلك تفكر وتعيش لحظتك كما يريد لك أن تعيشها , نحن نعيش المجتمع أو حياة المجتمع أكثر من عيشنا لوجودنا الحقيقي, كل إنسان يمر بمواقف حدية في حياته لكن ليس كلها  من الحدية بأن تشعره أنه على التخوم , فيسقط راجعاً في حياة الابتذال  العادية , وربما حينما  يواجهه الانسان بنفسه  بعد ذلك يصبح الوقت قد إنقضى وفات  على تأكيد وجوده الاصيل الذي خلقه الله من أجله ,لذلك الفقد يجعلك تعيش حياة التخوم  وتتصرف بأصالة الوجود , كلنا تأثر بفقد عزيز  أو قريب  هذة هي الحياة , لكن أن يفتح هذا الفقد نوراً إلى قلبك  لتتحقق فيه إصالة وجودك موضوع آخر , سنة مرت وأنا أعيش وجودي الاصيل إيماناً برب  عليم  وبدور جديد في هذة الحياة, رحم الله إبني محمد فقد كنت أرى الدنيا من خلاله  لكن رحيله أسدى إليَ فضيلة كبرى وهي أن لا أتعلق إلا بمن لايزول ولايغيب , كذلك أسدى إليَ نصيحة عظمى وهي أن أعيش وجودي الاصيل  وأترك الوجود الزائف الذي كنت مستغرقاً فيه , غافلاً عن طبيعة الأيام وديدن الحياة وهشاشة العيش فيها , رحلت يابُني وسأرحل أنا غداً وسيرحل الآخرون وسننضوي في بنية الزمن إلا أن يرث الله الأرض ومن عليها.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق